للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسماء بني سُلَيْم عبر التاريخ

قبيلة بني سُلَيْم من القبائل العدنانية التي نالت شهرة واسعة في الجاهلية والإسلام، وقد كانت مواطنها الأصلية تحميها من شن الغارات عليها، فهي "حصنٌ حصين" دون اقتحامها، وبنو سُلَيْم كانوا في الجاهلية وصدر الإسلام ذوي ثروة طائلة بما في بلادهم من "المعادن" وبما فيها من الماء الوفير والخصب، وكل هذا أكسبها كيانًا مرموقًا وجاهًا ومكانة، وقد أكسبتهم طبيعة أرضهم الجبلية خشونة وشجاعة وصلابة، وأكسبتهم أرضهم الخصبة رقة وطموحًا وتجارة وزراعة ناجحة رابحة.

وقد هيأ لي تتبعُ تاريخهم ودراسته الألمامَ بأنهم كانوا يؤثرون تسمية أبنائهم بأسماء - أغلبها مُعينٌ، فيكثر دوران هذه الأسماء بينهم، وبعضها موغل في القدم يرتفع إلى زمن ثمود، وربما كان لمجاورة بني سُلَيْم للثموديِّين بقرب مدائن صالح أثر في هذا، ولربما كانت التجارة التي يديرونها فيما بينهم وبين ثمود أثر في ذلك أيضًا، ولربما أفاد السُّلَميون من براعة الثموديين الزراعية والتجارية والصناعية، ومن الأسماء الثمودية (حُباب) بضم الحاء، ومعناه في اللغة: الحية، وهذا الاسم كان موجودًا في ثمود، كالحُباب بن عمرو الثمودي (١) الذي رثى قومه بقصيدة عقب هلاكهم بالصيحة، ومن ذلك يبدو أنه لم يكن من بين من أهلكوا بالصيحة، ومعنى ذلك أنه كان من المؤمنين الذين أنجاهم الله من عذابه بسبب إيمانهم برسالة صالح عليه السلام.

وليس مستبعدًا أن يسمي الثموديون بعض أبنائهم بالحُباب - أي الحيَّة - فالحيات مؤذية وسامة وتفتك بمن يتعرض لها، وهي متوافرة نجي بلادهم الغزيرة المياه الكثيرة المغاور والكهوف والأودية، وطبيعة أرض بني سُلَيْم من هذه الناحية مماثلة لطبيعة أرض ثمود. وكان السُّلَميون وما زال بعضهم حتى اليوم يقيمون في منطقة مدائن صالح فلا بدع إذن أن يشيع اسم (الحباب) لديهم، فالجوار ذو أثر ما على المتجاورين.


(١) مدائن صالح، للأستاذ محمد عبد الحميد مرداد، ص ٩٢، طبع دار الطباعة الحديثة بمصر، وفي كتاب الاشتقاق لابن دريد، ص ٣٠٨، أن الحباب (بضم الحاء): ضرب من الحيات، وقد أورد اسمي تميم وعمير ابني الحباب، وقال أن عميرًا كان من فرسان الناس في أيام عبد الملك وأيام فتنة الشام، وكان امتنع على عبد الملك بنصيبين وغلب عليها وعصاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>