للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن هاجر أم إسماعيل مصرية صميمة، ونحن نعرف أن إبراهيم - عليه السلام - ارتحل مع زوجته سارة من العراق إلى فلسطين ثم إلى مصر فأهدى إليه ملكها هاجر فتزوجها وولدت له إسماعيل، فصاحب إبراهيم هاجر وابنها إلى بلاد العرب وأنزلهما بالوادي الذي تقوم به مكة اليوم، وتزوج إسماعيل فتاة من جُرهُم ولدت له اثنى عشر ولدًا هم آباء العرب المستعربة أو القيسية، وهؤلاء ينتمون من ناحية خؤولتهم في جُرهُم إلى العرب أبناء يعرب بن قحطان، وينتمي أبوهم إسماعيل من ناحية خؤولته إلى مصر.

وفي سنة ٧٢٦ م عندما أرسل محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتبه إلى الأمراء والملوك يدعوهم إلى الدين الجديد، كان المقوقس حاكم مصر صاحب أجمل رد على رسالة النبي وكان أكثرهم ودا ومجاملة، فقد بعث مع حاطب بن أبي بلتعة بكتاب إلى رسول الله يقول له فيه: إنه يعتقد أن نبيا سيظهر كما بعث بهدايا كثيرة، وقد اصطفى الرسول - صلى الله عليه وسلم - مارية القبطية وتزوجها، فولدت له إبراهيم (١).

ثانيًا - في العصور الوسطى

بالفتح العربي الإسلامي بدأت مصر تدخل في مرحلة هامة من تاريخها. فمنذ ذلك الوقت بدأت ترسخ فيها دعائم القومية العربية على أسس متينة وقواعد مكينة، ولعلَّ من أهم الأسس التي أعطت لمصر وجهها العربي المشرق تلك اللهجات العربية النشطة التي شغلت الفترة التالية للفتح.

وإذا أردنا أن نتتبع حركة توافد العرب على مصر في هذه المرحلة الهامة لوجدنا أنه عندما تقدم عمرو بن العاص إلى أرض الكنانة فاتحًا كان معه جيش يتراوح عدده بين ثلاثة وأربعة آلاف ثم لحقت به أربعة آلاف أخرى، ثم وصل الزبير بن العوام ومعه اثنا عشر ألف مقاتل. وكانت قبيلتا لخَمْ وجُذَام ممثلتين في الجيش العربي أظهر تمثيل، ثم أرسل عمر بن الخطاب، عبد الله بن سعد بن أبي سرح لغزو النوبة وكان معه عشرون ألف مقاتل، وخلال حكم ٨٣ حاكمًا عربيا


(١) محمد فرج: عمرو بن العاص ١٤٦، ١٤٧. (طبع ونشر دار الفكر العربي ١٣٧٩ هـ/١٩٦٠ م).

<<  <  ج: ص:  >  >>