للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[نسب الحويطات]

نظرًا للخطأ الوارد في العديد من مصنفات محققي العصر في هذا القرن، ووجود التباس وتناقض فيما بينها بشأن أصل الحويطات، قمنا بعمل بحث ميداني واسع النطاق بدقة من كبار البوادي وثقات الرواة من الحويطات، وقد كان الاتفاق العام من عدة مصادر لما تواتر عندهم وقد تناقلوه من أجدادهم وأسلافهم، وهو أن جدهم الأول حويط مؤسس قبيلة الحويطات من مدة خمسة قرون ونصف القرن تقريبًا، وأنه ينتمي إلى أشراف الحجاز بنواحي المدينة المنورة، وملخص الرواية هي: أن حويطًا جدهم كان مرافقًا لبعض ذويه من أشراف الحجاز في (حوالي نصف القرن التاسع الهجري)، وقد كان ذووه ضمن قافلة تجارية متجهة إلى بلاد الشام، وأثناء مرورها قرب العقبة داهم حويط مرض شديد، فلما قارب على الموت وقد يئس رفاقه من شفائه، ورأفة منهم عليه من مشقة الطريق نزلوا به على مضارب بني عطية قرب العقبة، وتركوه عند أحد البدو من العطاونة القاطنين في تلك الناحية، ولما أيقنوا بهلاك حويط طلبوا من العطوي أن يخط وَسْم (١) الأشراف على نصب قبره بعد موته في غيابهم، وظل حويط يصارع المرض الشديد أيامًا وليالي حالكة، ففكر الرجل العطوي الذي استضافه أن يُجرِّب معه بعض الأعشاب الصحراوية التي كان يجمعها من وديان الجبال في المنطقة القريبة منه علَّها تخفف الألم الذي يعاني منه حويط، واستمر العطوي بتطبيبه ورعايته، فشاء الله أن يبرأ من سقمه ويصح بدنه خلال فترة قصيرة، وقد امتثل للشفاء والعافية تمامًا، وكان حويط شابا فتيا وفطنا ذكيا، وقد أحب المكوث عند العطوي قرب العقبة لما لمس فيه النخوة وفعل الجميل والمعروف معه، وقد كان سببًا في إنقاذ حياته، فلما ظهرت علامات الشجاعة والإقدام على حويط ملك قلوب من حوله وزاد حب وتقدير العطوي وأهله له، فزوَّجه ابنته وشاركه ماله وحلاله (٢)، وقد اعتبره فردًا من عشيرته له ما لهم وعليه ما عليهم، وهذا الشيء قد خلق الالتباس عند أحد الرحَّالة


(١) وَسْم: علامة لكل قبيلة عربية توضع بكي النار على الإبل والغنم، وكذلك الحجارة لتحديد الأماكن وديار كلّ قبيلة، ومعني الموسومة، أي المعلَّمة، وفي النهاية لابن الأثير أن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يوم بدر: سوموا فإن الملائكة قد سومت، أي اعملوا لكم علامة.
(٢) حلاله: المقصود بها أغنامه وإبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>