للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنسابُ العربيةُ في العصور الإسلامية

يلاحظ المتتبع لمراجع التاريخ الإسلامي والعربي عبر القرون الإسلامية، وأخيرًا - اختفاء أسماء الأعلام من بني سُلَيْم - إلا ما قل وندر - ولعل هذه الظاهرة ذات علاقة بما يلي تبيانه:

أولًا - انصراف أغلب أبناء هذه القبيلة عن أسباب البروز، وأعني بهؤلاء من يقطنون ديارهم الأصلية خاصة، وذلك منذ أرسل إليهم الواثق جيشًا عرمرمًا من بغداد لتأديبهم، وللحيلولة بينهم وبين العدوان على الجيران، وربما على حجاج بيت الله الحرام وعابري السبيل أيضًا، ولذلك لم نرَ منهم أعلامًا تاريخيين كما - كان عليه حالهم من قبل ذلك، خاصة وقد نفضت الحكومات المتعاقبة أيديها من مهمة تعليمهم وتثقيفهم وإصلاح شئونهم، وهكذا ظلوا متجمدين أو مُجمَّدين إلى عهد انبعاثهم في العهد السعودي الزاهر الذي ضمن تكافؤ الفُرص لكل المواطنين بدون تمييز.

وثانيًا - ما لاحظه المَقري التلمساني بالقرن الهجري الحادي عشر، ومن قبله ابن سعيد، قال المقري: (وأما بنو أمية فمنهم خلفاء الأندلس، قال ابن سعيد: ويعرفون هنالك إلى الآن بالقريشيين، وإنما عَمَّوا - أي أخْفَوْا - نسبهم إلى أمية في الآخر لما انحرف الناس عنهم، وذكروا أفعالهم في الحسين - رضي الله عنه) (١).

وهكذا كان ابن سعيد من أوائل من قرعوا باب "أثر السياسة في اختفاء الأنساب"، وقد وضع لنا الأستاذ ناجي معروف النقط على الحروف حيال هذه الظاهرة - حينما قال في مقدمة كتابه النفيس:

(وقد توصلنا في هذا البحث إلى أن كثيرًا من هؤلاء المنسوبين أو المضافين إلى مُدنٍ أعجمية إنما كانوا من أصل عربي خالص، وسنبرهن في هذه الرسالة على هذه الحقائق العلمية التي لا ريب فيها، وعلى مدى تغلغل العرب في البلاد الإسلامية واستقرارهم في مدنها، هم وذراريهم وتصاهرهم مع أهلها، وتوطنهم فيها أجيالا طويلة حتى اليوم) (٢)، وقال أيضًا: (ينسب عدد لا يحصى من العلماء


(١) نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، لأحمد بن محمد المقري التلمساني، ص ٢٧١، المجد الأول طبع مطبعة السعادة بمصر، سنة ١٣٦٧ هـ - ١٩٤٩ م.
(٢) علماء ينسبون إلى مدن أعجمية وهم من أرومة عربية، للأستاذ ناجي معروف، ص ٣، طبع مطبعة الحكومة ببغداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>