في جوهرها مجموعات شعرية، تضم بين دفَّتيها قصائد كاملة مقطوعات صغيرة، وأبياتًا متفرقة لشعراء تلك القبيلة أو لبعض شعرائها، وربما ضمت أكثر شعر هؤلاء الشعراء، وربما ضمت جميع شعر شاعر منهم وديوانه كاملًا، وتضيف إلى ذلك من الأخبار والنسب والقصص والأحاديث ما يتصل بالشاعر نفسه أو ببعض أفراد قبيلته، وما يوضح مناسبات القصائد ويفسر بعض أبياتها ويبين ما فيها من حوادث تاريخية، فيجئ كتاب القبيلة بذلك سِجلا لحوادثها ووقائعها، وديوانًا لمفاخرها ومناقبها، ومعرضًا لشعر شعرائها" [ص ٥٥٤ و ٥٥٥ من الكتاب المذكور].
وأخيرًا، يقول ناصر الدين الأسد عن دواوين القبائل هذه أو شعرِها أو كِتبها: (إن الآمدي لا ينسب شيئًا من هذه الدواوين إلى جامع أو صانع من الرواة العلماء، بل أرسلها هكذا غفلًا، إلا ديوانين منها: الأول: أشعار بني تغلب، والثاني: أشعار الرباب - ص ٥٥٤ و ٥٥٥ - .
ثم تعرض لمحل الشاهد، وهو قضية وجود شيء من هذه الدواوين أو الأشعار أو الكتب، وبقائها حتى اليوم من عدمه، فقال: (فإذا كان ذلك كذلك فما أشد حسرة الباحث في دواوين القبائل وروايتها إذا علم أن صروف الدهر لم تبق لنا إلا على ديوان واحد فقط من هذه الدواوين الكثيرة التي زخرت بأسمائهم المصادرُ العربية، وهي ليست إلا جزءًا مما قاله شعراء القبائل - هذا الديوان الوحيد الذي بقي لنا هو ديوان هُذَيل - ص ٥٤٨ - .
وبهذا يتضح جليا أنه لم يؤلَّف كتاب مستقل بمعنى الكتاب المعروف لدينا علميا عن تاريخ بني سُلَيْم، فيما أورده الدكتور ناصر الدين الأسد، وإنما الذي أُلِّف هو ديوان يحوي أشعارهم ويتضمن بعض أخبارهم وقصصهم وأسباب نظم هذه القصائد، وحتى هذا اللون من "الجمع" عصفت به صروف الدهر فلم تبق لنا على ما يقوله الدكتور ناصر الدين الأسد، اللهم إلا ديوانًا واحدًا هو ديوان هُذَيْل لا ديوان سُلَيم، على أنه لو لم يفقد ديوان شعر سُلَيْم هذا فيما فقد من أمثاله لكان في ذلك كسب لنا ولتاريخهم بالإلمام بأغلب شعرهم وشعرائهم، فمن دراسة ذلك دراسة واعية وعميقة وشاملة ومقارنة يمكننا أن نخرج بفوائد جمة عن تاريخهم القديم، فعسى أن يعثر عليه أو على بعضه في بعض رفوف المكتبات الخاصة أو العامة، ثم عسى أن يُنشر - إذا عُثر عليه - نشرًا علميا محققًا موفقًا.