والحاصل أن الهجرة الأولى دعت إليها حاجة المعيشة فمال ابن حسان بقومه وزوبع بجملتهم وشمَّر طوقة بمختلف جماعاتهم .. والثانية ضرورة مناصبة العداء لآل سعود والميل إلى الحكومة العثمانية وكانت أكبر عدو لهم بأمل أن يعتزوا بها وهكذا تخللت حوادث هجرة بين هاتين الهجرتين وما تلاهما .. ومن الجانب الآخر أن الحكومة رحبت بهم للأسباب المارة وغيرها.
ووقائعهم مدونة في تاريخ العراق، وغالبها غزو ونهب، ولم تساعد
بوقائعها الحكومة إلا في قضايا خاصة، أو حوادث ضرورية .. ولكن ميلهم للزراعة وأخذهم بنصيب منها كل هذا بأمل أن ينالوا حظهم من منافع البلاد وخيراتها من طريقها المشروع أو أن يتقربوا من الحضارة، ويتقدموا إليها خطوة.
[ملحوظة]
يتفرع من قبائل شمَّر قبائل كثيرة تفاوت تاريخ مجيئها إلى العراق فنالت أسماء جديدة كما تقدم أو عرفت باسم قبائلها الأولى وسكنت في هذه الديار ويتكون منها مجموعات تحتاج إلى مباحث طويلة، واسعة الأكناف تكاد تزيد على أصلها وتفوقه في الكثرة إلا أنهم لا يكادون يشبهون أصلهم اليوم فاكتسبوا عوائد جديدة اقتبسوها من محيطهم وبيئتهم ونالوا عرفا لم يعهدوه فيما سبق.
ولما كان أصلها وأصل (شمَّر البدو) واحدا رجحنا البحث عن المشهور منها تسلسلا لمعرفة أصل القبائل ووحدتها وعلاقاتها من حيث النسب والأرومة ولم نفردها بحيالها بل ذكرناها بعد الكلام على هذه القبائل.
شمّر طوقه
هؤلاء من شمَّر الأصليين، نزحوا إلى أنحاء العراق من مدة طويلة فإذا كان الصائح سموا بهذا الاسم فلسبب آخر سميت هذه بطوقة، ويقال - كما هو شائع - أنهم حينما عبروا دجلة إلى الجانب الأيسر في مواطنهم الآن كانت امرأة تنادي كلبتها وتدعوها بقولها (طوقه) وكررت ذلك مرات عديدة إلى أن أزعجت الناس هناك بكثرة صياحها؛ ومن ثم أطلق عليهم (شمَّر طوقه) فاتخذ نبزا لهذه القبيلة أو القبائل المتجمعة .. ولا يحفظون سببا آخر لتسميتهم بهذا.