للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب هذه الأبيات أن ريطة بنت عباس الأصم قد رثت أباها وكانت خَثْعم قد قتلته فأدرك بثأره عباس بن مِرْدَاس وقال هذه الأبيات مخاطبًا قحافة وهم بطن من شهِرّان.

٦ - خَثْعم وزبيد

قبيلة زبيد من أحلاف خَثْعم ولكن طبيعة الجاهلية وظروفها تفرض على الجاهلي النهب والاعتداء حتى على أخيه على قول الشاعر:

وأحيانا على بكر أخينا … إذا ما لم نجد إلَّا أخانا

ولكن سرعان ما تنقلب الموازين وتتغير المواقف عندما يكون الاعتداء من خارج حدود القبيلة الواحدة أو الحلف المتفق عليه. ومن الأيام التي حدثت بين قبيلة زبيد وقبيلة خَثْعم فيما بينهم ما ذكره الأصفهاني فقال (١): "روي علي بن محمد المدائني عن زيد بن قحيف الكلابي قال: سمعت أشياخنا يزعمون أن عمرو ابن مَعْد يكرب، كان يقال له "مائق بني زبيد" فبلغهم أن خثعما تريدهم، فتأهبوا لهم، وجمع مَعْد يكرب بني زبيد، فدخل عمرو على اخته فقال: أشبعيني إني غدا لكتيبة، قال: فجاء مَعْد يكرب فأخبرته ابنته فقال: هذا المائق يقول ذاك؟ قالت: نعم: فسليه ما يشبعه. فسألته فقال: فرق من ذرة وعنز رباعية، قال: وكان الفرق يومئذ ثلاثة أصوع فصنع له ذلك، وذبح العنز وهيأ له الطعام. قال: فجلس عليه فسلته جميعًا وأتتهم خَثْعم في الصباح فلقوهم، وجاء عمرو فرمي بنفسه، ثم رفع رأسه فإذا لواء أبيه قائم، فوضع رأسه فإذا لواء أبيه قد زال، فقام كأنه سرحة محترقة، فتلقى أباه وقد انهزموا فقال: أنزل عنها (٢) فاليوم ظلم (٣) فقال له: إليك يا مائق؟ فقال له بنو زبيد: خله أيها الرجل وما يريد، فإن قتل كفيت مؤنته، وإن ظهر فهو لك. فألقى إليه سلاحه فركب، ثم رمى خثعما بنفسه حتى خرج من بين أظهرهم، ثم كر عليهم وفعل ذلك مرارًا وحملت عليهم بنو زبيد فانهزمت خَثْعم وقهروا، فقيل له يومئذ فارس زبيد".


(١) الأغاني، ج ١٥، ص ٢٠١.
(٢) عنها: أي الفُرس.
(٣) اليوم ظلم: عبارة يقولها العرب بمعنى حقًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>