للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا أيها المُدْلي بكثرة قومه … وحظك منهم أن تُضام وتُقهرا

سل النّاس عنا يوم كلّ كريهة … إذا ما التقينا دارعين وحُسَّرا

ألسنا نعاطي ذا الطماح لجامه .... ونطعن في الهيجا إذا الموت أقفرا

وعارضةٍ شهباء تخطر بالقنا … ترى البُلق في حافاتها والسنورا

فروَّيْتُ رمحي من كتيبة خالد … وإني لأرجو بعدها أن أُعَمَّرا

وقد عُمِّرَ أبو شجرة بعد الردة كما رَجَا، ومن حسن حظِّه أن أسلم ودخل فيمن دخل فيه النّاس.

أبو شجرة وعمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

وفي زمن عمر بن الخطاب قَدِم أبو شجرة المدينة، وأناخ بصعيد بني قريظة - وإخالة شرقي المدينة حيث حَرَّةُ بني قريظة؛ لأنَّ هذه الناحية هي الموالية لبلاد بني سُلَيْم - ثم أتى عمر وهو يعطي المساكين من الصدقة ويقسمها بين فقراء العرب، فقال: يا أمير المؤمنين! أعْطِني فإني ذو حاجة. قال: ومَنْ أنت؟ قال: أبو شجرة بن عبد العُزَّى السُّلَمي، قال عمر: أبو شجرة؟! أي عَدُوَ الله! أَلَسْتَ القائل:

فَروَّيْتُ رمحي من كتيبة خالد … وإني لأرجو بعدها أن أُعمَّرا

ثم جعل عمر يعلوه بالدِّرَّة - السَّوطِ - في رأسه حتى سبقه أبو شجرة عَدْوًا. فرجع أبو شجرة إلى ناقته فارتحلها ثم أسندها في حرَّة شَوران (١) راجعًا إلى أرض بني سُلَيْم، وقال يحكي ما حدث بينه وبين عمر بن الخطاب في المدينة:

ضَنَّ علينا "أبو حفص" بنائله … وكل مختبط يومًا له ورق

ما زال يُرهِقَني حتى خذيِتُ له … وحال من دون بعض الرغبة الشفق

لما رَهَبْتُ "أبا حفص" وشرطته … والشيخُ يفزع أحيانًا فينحمق

ثُم ارعويت إليها وهي جانحة … مثل الطريدة لَمْ ينبت لها ورق


(١) شوران - بفتح الشين وسكون الواو -: جبل مطل على السد مرتفع بجنوب غرب المدينة المنورة، وفيه مياه كثيرة يقال لها: البحيرات، وعن يمينك حينئذ عير، وبحذاء شوران هذا جبل ميطان (معجم البلدان الياقوت الحموي مادة "شور").

<<  <  ج: ص:  >  >>