للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل في شعره: قدم كُثَيِّر على عبد الملك بن مروان الشَّام فأنشده والأخطل عنده، فقال عبد الملك: كيف ترى يا أبا مالك! قال: أرى شعرًا حجازيًا مقرورًا لو ضغطه بَرْدُ الشَّام لاضْمحل (١).

وقيل أيضًا: ما قصد القصيد ولا نعت الملوك مثل كُثَيِّر (٢).

وسئل من أشعر الناس؟

فقيل كُثَيِّر بن أبي جمعة، هو أشعر من جرير والفرزدق والراعي وعامتهم (يعني الشعراء) ولم يدرك أحد في مديح الملوك ما أدرك كُثَيِّر.

وجاء عنه أيضًا: كان كُثَيِّر شاعر أهل الحجاز، وهو شاعر فحل، ولكنه منقوص حظه بالعراق، وقيل: أشعر أهل الإسلام.

وكان كُثَيِّر يستقصي المديح، وكان فيه مع جودة شعره خُطلٌ وعُجب وقالوا: أيضًا: ما ضرَّ من يروي شعر كُثَيِّر وجميل ألا تكون عنده مغنيتان مطربتان (٣).

معرفة كُثَيِّر بعَزَّة:

نسب كُثَيِّر إلى عزَّة لكثرة تشبيبه بعزَّة الضَّمرية، وعُرف بها وقيل كُثَيِّر عزَّة وأول عشق كُثَيِّر لها، أنه مر بنسوة من بني ضمرة ومعه جَلَبُ غنم، فأرسلن إليه عزَّة وهي صغيرة، فقالت له: يقلن لك النسوة: بعنا كبشًا من هذه الغنم وأنسنا بثمنه إلى أن ترجع، فأعطاها كبشًا وأعجبته، فلما رجع جاءته امرأة منهن بدراهمه، فقال: وأين الصبية التي أخذت مني الكبش؟ قالت: وما تصنع بها! هذه دراهمك.

قال: لا آخذ دراهمي إلا ممن دفعت الكبش إليها وخرج وهو يقول:

قَضَى كلُّ ذِي دَينٍ فوّفى غَريمه … وَعزَّةُ مَمْطُولٌ مُعنَّى غَرِيمُها (٤)

وهناك رواية ثانية تؤدي المعنى نفسه، فلما تأبي كُثَيِّر أن يأخذ الثمن إلا من عزَّة فقال لهن: عزَّة غريمي، ولست أقتضي حقي إلا منها، فمزحن معه وقلن:


(١) طبقات فحول الشعراء ٥٤١.
(٢) الأغاني ٩/ ٥.
(٣) الأغاني ٩/ ٣.
(٤) الأغاني ٩/ ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>