للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ديارٌ عَفاها جَورُ كُلِّ مُنابِذٍ … وَلَمْ تعفُ للأيَّامِ والسَّنَواتِ

قِفَا نَسْأَلِ الدَارَ التى خَفَّ أَهْلُها … مَتى عَهْدُها بالصَّوِمِ والصَّلَواتِ (١)

هَمُ أهلُ ميرَاث النَّبِيِّ إذَا اعْتَنروا … وَهمْ خَيرُ قَادات وخيرُ حُمَاةِ (٢)

وَقَدْ كَانَ منهُمْ بالحِجَاز وأَهْلِها … مَغَاويرُ نَحَّارُوَنَ في السَّنواتِ (٣)

إذا أَوْرَدُوا خَيلا تَسعَّرُ بالقَنَا … مساعرُ جَمْرِ الموتَ والغَمَراتِ (٤)

فَيَا ربِّ زِدْني مِنْ يَقيني بَصيرةً … وَزدْ حُبُّهم يَا ربِّ فِي حَسَنَاتِي

تَخيَّرتُهُم رُشْدًا لأَمْري فإنَّهُمْ … علَى كلِّ حَال خيرةُ الخيَراتِ (٥)

فَلَولا الَّذِي أَرجُوه في اليومِ أَو غدٍ … تَقطَّعَ قَلْبي إثْرَهمْ حَسَراتِ

فيا نَفْسُ طِيبي ثم يا نَفْسُ ابْشِرِي … فَغْيرُ بَعيدٍ كلُّ مَا هَوَ آتٍ (٦)

[نهاية دعبل]

لقد كان هجاء دعبة السوط الذي جُلد به فأدماه وأذله، عندما هجا مالك ابن طوق قائلًا:

سألت عنكم يا بني مالك … في نازح الأرض وفي الدانيه

طُرّا فلم تُعرف لكم نسبةٌ … حتى إذا قلتُ بنو الزانيه

وبلغت مالك الأبيات فطلبه فهرب، فأتي البصرة وعليها إسحاق بن العباس. . . وقد كان بلغه هجاء دعبل وعبد اللَّه بن أبي عُيينة نزارًا، فأما ابن أبي عُيينة فقبض عليه، ودعا بالنَّطع والسيف ليضرب عنقه، فجحد القصيدة وحلف عليها بالطلاق ثلاثًا، وبكل يمين تبرئ من الدين أنه لم يقلها، وإن عدوّا له قالها وجعل يتضرع إليه ويقبّل الأرض ويبكي بين يديه، فرق له وقال: أمّا إذ أعفيتك من القتل فلا بد من أن أشهرك، ثم دعا له بالعصا فضرب بها حتى سلح، وأمر


(١) خف القوم خفوفًا: ارتحلوا.
(٢) اعتنري: انتسب.
(٣) السنوات: مفردها سنة الأزمة أو القحط.
(٤) المساعر: مفردها مِسْعَر: موقد الحرب.
(٥) خار الشيء: اختاره، والاسم الخيرة والخَيرة.
(٦) تجريد الأغاني ج ٣ ص ٢٠٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>