فترى أن الشريف شرف ذكر أنه بندر، والبندر في تلك العهود يطلق على كل مدينة بحرية، فكانوا يقولون: بندر جدة، ولا يقولون: بندر رابغ.
فالليث -إذًا- كان قد لحق بدرجة البنادر، وصار قائم مقامية، وهذا يعني أنه مرت عليه مئات السنين من التطور التدرجي، وإذا ألقينا نظرة على تأريخ مدينة السرين حكمنا بأنها قد اندثرت في القرن الهجري السابع تقريبا.
ومن طبيعة البشر حب الوطن: فما كان من أهل السرين إلا أن اتجهوا إلى أقرب قرية تصلح للسكن والحياة وتقرب شبها من بلدتهم ومسافة. فإذا الليث بكل مياهه وخيراته وبحره فاتجه أكثرهم إليه فعمروه، ولكن نظرا لأن هذه القرية تحمل اسم الوادي ظلت شبه مجهولة.
أما بلدة الليث اليوم فقد لحقت بمدن الدرجة الثانية، فيها: مديرية تعليم تضم عددا من المدارس الثانوية والمتوسطة والابتدائية، وبها فرع لإدارة تعليم البنات، وإدارة شرطة ومحكمة شرعية وفرع للبنك الأهلي، وإدارة مرور، وكل ما تحتاجه المدن مثل: البلدية وهيئة الأمر بالمعروف وغيرهما.
[وادي الليث]
وادٍ فحل من كبار أودية الحجاز التهامية، يأخذ أعلى مساقط مياهه من السراة الواقعة جنوب الطائف، فيقاسم وادي بسل الماء ويأخذ سيل سراة بجيلة كجبل إبراهيم وجبل بني يزيد وحداب بلحارث وسراة بني سعد، ثم يتجه غربا فترفده في مسيره أودية كبار عن يمينه ويساره، فإذا نزل السهل اتسع مجراه وصار نهيا كثير البلد المعدة للزراعة، وإن كان لا زال يعتمد على الزراعة العثرية. ثم يصب في البحر عند بلدة الليث، وهو كثير النبات، وكل أرضه صالحة للزراعة، وقد رأيت هناك آبارا ارتوازية تحفر بقصد الازدراع، وهذا عصر الآبار الارتوازية بالنسبة للزراعة.