للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامة العرب (١) -إلا قليلًا منهم- عن الإسلام وفي مقدمتهم القبائل التي اعتنقته لا عن إيمان بمبادئه، بل رهبة من سيوف رجاله، ولو أن قبائل زهران "دوس" كما يقول البعض (٢) أسلمت خوفا من السيف، لنهجت نهج القبائل الأخرى، كأسد وغطفان وبكر بن وائل، وهي القبائل السبَّاقة إلى الارتداد عن الإسلام.

[ب - في الإسلام]

[١ - الطفيل بن عمرو الدوسي]

وهو من المهاجرين الأولين إلى الإسلام ومن كبار القواد الذين فازوا بثقة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعهد إليهم بمهام الأمور. كما كان الطفيل شاعرًا غنيًا كريما مطاعا في قومه (٣) وقد صحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى قبضه اللَّه. ولما ارتدت العرب خرج مع المسلمين لقتال المرتدين، تحت راية خالد بن الوليد (رضي اللَّه عنه) وشارك في حروب نجد كلها، ثم سار مع المسلمين إلى اليمامة ومعه ابنه عمرو بن الطفيل، فرأى في المنام أنه حلق رأسه، وأنه خرج من فمه طائر، وأنه لقيته امرأة، فأدخلته في فرجها، ورأى ابنه يطلبه طلبا حثيثا ثم حبس عنه، وقد عبر رؤياه بنفسه كالتالي: أما حلق رأسه فقطعه، وأما الطائر الذي خرج من فمه فروحه، وأما المرأة التي أدخلته في فرجها، فالأرض يحفر له ويدفن فيها، وعبر طلب ابنه إياه، وعدم لحاقه به، باجتهاد ابنه بأن يصيبه ما أصابه، ثم قتل رحمه اللَّه شهيدًا في معركة اليمامة (٤).

بعثه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سنة ٨ هـ ليهدم ذا الكفين صنم عمرو بن حممة الدوسي، فذهب بقومه، وهدمه، وجعل يوقد النار في وجهه وهو ينشد قائلًا:

يا ذا الكفين لست من عبادكا … ميلادنا أقدم من ميلادكا

إني حششت النار في فؤادكا


(١) المصدر السابق - ص ٤١٠.
(٢) يقول بعض المؤرخين أن دوسا اسلمت خوفا من قول كعب بن مالك:
قضينا من تهامة كل وتر … وخيبر ثم أحجمنا السيوفا
نخيرها ولو نطفت لقالت … قواطعهن دوسًا أو ثقيفًا
(٣) الزركلي - المصدر السابق - ص ٣٢٩.
(٤) ابن هشام - المصدر السابق - ص ٤١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>