للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني فريق آخر من أبطالهم وأن يكون في الفريقين أظهر المتحاربين نجدة واستبسالا وعزما على اختلاف أنواعهم وأزمانهم والله الهادي، واستطرادنا في الكلام عن الخوارج فيما يأتي بغض النظر عن معتقداتهم التزاما بما وعدنا به في (معلومات عامة عن بني تميم).

أصل البلاء (١):

كان المسلمون صفا واحدًا في أيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وست سنوات من أيام عثمان، ثم قضت ظروف سيئة أن تنسب إلى الخليفة عثمان - رضي الله عنه - لأعمال فعلها بحسن نيَّة من جهة أو أباحها الدين للخليفة لحكمة سامية من جهة أخرى. أو ليست صحيحة من جهة ثالثة (٢) فأولها فريق من المسلمين في مصر والعراق والحجاز بأنها تحيز لأقاربه. فتجمعوا ثائرين، واتجهوا إلى منزلة فقتلوه في داره وهو يقرأ القرآن بعد حصار دام ٢٢ يومًا سنة ٣٥ هـ الموافق ٢٠ مايو ٦٥٦ م فانفتحت أبواب الشر على مصراعيه واتفق المسلمون على استخلاف علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. إلا أهل الشام المحكومين بمعاوية ابن عم الخليفة الشهيد عثمان بن عفان، وأما بقية الأقارب من قريب في غير الشام، فرفضوا البحث في الخلافة إلا بعد محاكمة القتلة وحدثت مناوشات، ثم اشتد النزاع بين الخليفة الرابع من ناحية ومعاوية والسيدة عائشة من ناحية أخرى. فكانت وقعة الجمل ووقعة صفين (على وزن سجيل).

[وفاؤهم في الإسلام]

١ - ولما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتدت بعض العرب (٣) عن الإسلام وأبوا أن يؤدوا الزكاة إلا من شاء الله منهم وأما مسلمو بني تميم فقد ثبتوا على إسلامهم ثبات الجبال الراسيات لا تنال منها العواصف والزلازل إلا بما قدره الله هذا. وكانوا من أول من بعث زكاتهم إلى المدينة المنورة مع الزبرقان بن بدر، وكان مما قوى الله به الإسلام حينما رأى أهل المدينة زكاة بني تميم كبروا وفرحوا ابتهاجا


(١) انظر: المصدر السابق ص ٢١٣.
(٢) انظر: العواصم والقواصم للقاضي أبي بكر بن العربي ص ٦٢ وما بعدها.
(٣) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ج ١ ص ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>