للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسار الثلاثة حتى أتوا واديا فلما أشرفوا عليه وجدوا فيه نعما كثيرة فهابوا أن يغيروا فيطردون بعضها، فيلحق بهم الطلب فقال لهما السليك كونا قريبًا حتى أكلم الرعاه وأستعلم عن الحمى لأهل تلك النعم هل هم قريب أم بعيد؟، قال: فإن كانوا (١) قريبًا رجعت إليكما وإن كان بعيدًا قلت لكما قولًا لا يعلمون ما معناه فأغيروا على ما يليكما فانطلق حتى رأي الرعاة فلم يزل يستنطقهم حتى أخبروه بمكان الحي فإذا هو بعيد. إن طلبوا لم يدركوا: فقال السليك للرعاة ألا أغني لكم قالوا بلي فرفع صوته وغنى قائلًا:

يا صاحبي ألا لاحي بالوادي … إلا عبيد قيام بين أذواد

هل تنظراني قليلا ريث غفلتهم … أم تغدوان فإن الرابح الغادَ

فلما سمعا ذلك أتيا للسليك فطردا الإبل وذهبا بأكثرها ولم يبلغ الصريخ الحي حتى خرجوا من حوزتهم ومعهم ما غنموا.

ومن وفائه لمُضَر:

ولهذا كان أبو نخلة الشاعر قد أساء إلى بني جلدته بعقوقهم فقد كان السليك وفيا لهم. لهذا كان لا يغير على مُضَر أبدا وإنما على اليمن فإن كف عنهم أغار على ربيعة الفرس أولاد نزار أخي مُضَر.

أما شعره وقد أغار على قوم وانصرفوا عنه خوفًا من العطش وبقي معه رجل يسمي صردا فقال السليك يصف ما حدث:

بكى صرد لما رأى الحي أعرضت … مهامه (٢) رمل دونه وسهوب

فقلت له لاتبك عينك إنها … قضية ما يقضي لنا فتئوب (٣)

سيكفيك صرب (٤) القوم لحم مغرض … وماء قدور في القصاع مشوب


(١) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٢٦٤.
(٢) المهامة: هي الأرض الصحراء التي ليس بها أحد.
(٣) تشوب: ترجع.
(٤) الصرب للبن الحامض وماء القدر هو المرق المشوب المخلوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>