للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دولة بني أبي الحسن الكلبيين في صقلية جنوب إيطاليا (١)

ما قاله العلَّامة ابن خلدون تحت عنوان:

"بقية أخبار صقلية ودولة بني الحسن الكلبيين بها من العرب المستبدين بدعوة العبيديين (الفاطميين) وبداية أمرهم وتصاريف أحوالهم".

ولما استولى عبيد الله المهدي على إفريقية ودانت له، وبعث العمال في نواحيها بعث على جزيرة صقلية الحسن بن محمد أبي خنزير من رجالات كُتامة (٢) فوصل إلى مأزر سنة سبع وتسعين في العساكر فولى أخاه على كبركيت، وولى على القضاء بصقلية إسحاق بن المنهال، ثم سار سنة ثمان وتسعين في العساكر إلى ومش فعاث في نواحيها ورجع، ثم شكا أهل صقلية سوء سيرته وثاروا به وحبسوه، وكتبوا إلى المهدي معتذرين فقبل عذرهم وولى عليهم أحمد بن قهرب، وبعث سرية إلى أرض قلورية فدوخوها ورجعوا بالغنائم والسبي، ثم أرسل سنة ثلاثمائة ابنه عليًا إلى قلعة طرمين المحدثة ليتخذها حصنًا لحاشيته وأمواله حذرًا من ثورة أهل صقلية، فحصرها ابنه ستة أشهر، ثم اختلف عليه العسكر فأحرقوا خيامه، وأرادوا قتله فمنعه العرب، ودعا هو النّاس إلى المقتدر فأجابوه، وقطع خطبة المهدي، وبعث الأسطول إلى إفريقية، ولقوا أسطول المهدي وقائده الحسن بن أبي خنزير فقتلوه، وأحرقوا الأسطول.

وسار أسطول ابن قهرب إلى صفاقس (٣) فخربوها وانتهوا إلى طرابلس، وانتهى الخبر إلى القائم بن المهدي ثم وصلت الخلع والألوية من المقتدر إلى ابن تهرب، ثم بعث الجيش في الأسطول إلى قلورية فعاثوا في نواحيها ورجعوا، ثم بعث ثانية أسطولًا إلى إفريقية، فظفر به أسطول المهدي، فانتفض أمره، وعصى عليه أهل كبركيت، وكاتبوا المهدي، ثم ثار الناس بابن قهرب آخر الثلثمائة وحبسوه وأرسلوه إلى المهدي، فأمر بقتله على قبر ابن خنزير الكُتامي في جماعة من خاصته، وولى على صقلية أبا سعيد بن أحمد وبعث معه العساكر من كُتامة


(١) من كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر للعلّامة ابن خلدون. المجلد الرابع ج ٧.
(٢) كُتامة: قبيلة بربرية مشهورة بالمغرب الأقصى حتى الآن.
(٣) صفاقس: مدينة تونسية ساحلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>