وقد اشتهر عرب المعقل هؤلاء باحترام الأنفس والأموال وامتثال أوامر المخزن (الحكومة) فلم يكونوا ينتهكون حرمة الناس ولا يعترضون القوافل التجارية بأذى أو مكروه، الشيء الذي جعل سلاطين المغرب يقدرونهم حق قدرهم ويجازونهم على ذلك بالإقطاعات المديدة والعطايا العديدة.
بنو سُلَيْم
هم بنو سُلَيْم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان.
من أوسع بطون مُضَر وأكثرها جموعا، كانت مواطنهم الأولى بنجد، وكانت الرئاسة عليهم فيها لبني الشريد بن عصية بن خُفاف بن بهثة بن سُلَيْم، ولما أدركهم الإسلام كان منهم عناد، ومن بطونهم المشهورة قبائل عصية ورعل وذكوان الذين دعا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتكوا بأصحابه، ثم أسلموا وخاضوا فيما خاضت فيه بقية القبائل العربية من شؤون الخلافات والفتوح، وصاروا في عهد الخلافة العباسية أولي فتنة وبغي، تبلغ بها الجسارة إلى الإغارة على المدينة نفسها، فكان العباسيون يسرحون الكتائب لمحاربتهم والإيقاع بهم، فيذعنون إلى الطاعة ويخلدون إلى السكينة في قفارهم بقدر ما يستجمون ويتتعشون فيعودون إلى حالهم، وبلغ من كراهية أحد خلفاء بني العباس لهم أنه نهى ابنا له عن التزوج منهم.
ولما ظهر القرامطة غمسوا أيديهم في فتنتهم، وحالفوا أبا الطاهر وبنيه أمراء البحرين مع بني عُقَيْل بن كعب، فلما ذهبت ريحهم وانقرض أمرهم اعتنق بنو سُلَيْم مذهب الشيعة وتغلبوا على البحرين بدعوتهم لما أن القرامطة كانوا متشيعين، واستمروا سادة هناك حتى قام بنو الأصفر بدعوة العباسيين، فانتزعوا البحرين باسمهم من أيدي بني سُلَيْم في أيام بني بويه وطردوهم عنها فلحقوا بصعيد مصر وأقاموا به مع بقية الأعراب حتى أجازهم الوزير اليازوري إلى إفريقيا مع العرب الهلاليين، فاستوطنوا برقة وجهات طرابلس زمنا ثم ساروا إلى إفريقيا والمغرب وكان لهم شعبا وقبائل وبطونا ووقائع وأحداث سبق ذكر بعضها.