للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا طريق فيها وفيها مياه أوْشال وماءٌ عِدٌّ، يقال له حُنْجُران، وعن يمين الينكير مياه متقاودة للينكير ثم ذكر تلك المياه.

وجبل الينكير لا يزال معروفًا ولكنهم حرفوا اسمه إلى (الأنكير) وهو يقع شرق جبل صَبَحا (يذبل) ويقع في الجنوب الغربي من بلدة القُوَيْعيَّة بما يقرب من مائة كيل.

[خصب هذه البلاد]

ولعل من أقوى الأسباب التي ربطت القبيلة ببلادها أنها امتهنت حياة التحضر منذ عهد قديم، فاشتغلت بالزراعة كما استفادت من صناعة المعادن الكثيرة في أرضها، وهذه البلاد تمتاز بخصب التربة وكثرة المياه، ولهذا ازدهرت الفلاحة فيها وكثرت البساتين والزروع، حتى أصبحت مطمعًا لغير أهلها، كما ذكر أحد الشعراء يخاطب بني عُصْمٍ من فروع تلك القبيلة، وذكر قريتين من قراها، هما جزالاء والثُّرَيَّا، قال (١):

أَلا يَا بَنِي عُصْمٍ جزالاءُ جَنَّةٌ … مَرَاطِيبُ تَبْغِي كُلَّ عَامٍ لَكُمْ حَرْبا

فَلَوْلا صَوَادٍ مِنْ جَزَلاءَ دُلَّحٌ … وَهُدْلُ الثُّرَيَّا مَا وَجَدْنَا لَكُمْ ذَنْبَا

إِذَا أَرْطَبَتْ مِنْهَا المَعَاجِيلُ هَيَّجَت … حُرُوبَ رجَالٍ لَمْ يَرُوعُوا لَكُمْ سِرْبَا

أَقِيموا حُدُودَ المَشْرَفِيَّةِ دُوْنَهَا … وَإِلا فَخَلُّوهَا لأَعْدَائِكُمْ غَصْبَا

أي إنكم تحسدون على ما في بلادكم من نخل حينما ترطب معاجيلها، تُهيِّج في نفوس أعدائكم الحرب، فذودوا عنها بحدود المشرفية، وإلا فإنهم سيأخذونها منكم غصبا.

ولا شك أن بلادًا بهذه الصفة. . غزارة مياه، وخصوبة أرض، استوطنتها منذ عهد بعيد فروع من قبيلة تخلت عن مميزات البداوة، قد وجدت فيها مجالا واسعًا لاحتراف الزراعة، ولا أدل على ذلك من أن تحدثوا عنها من المتقدمين


(١) "النوادر والتعليقات" للهجري المخطوطة المصرية ص ١٠٤ و"صفة جزيرة العرب" ٣١٠ - مع اختلاف في بعض الكلمات.

<<  <  ج: ص:  >  >>