للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهّلهم لهذا الدور معرفتهم بدروب الصحراء وتربيتهم للإبل القادرة على اجتياز هذه المفازات بين مصر والسودان.

ولم يتوار دور العبابدة في أعقاب هاتين الحملتين المشهورتين بل ظل دورهم متصلا ومستمرا مع استمرار الإدارة المصرية في السودان. ففي عام ١٨٤٢ وعلى عهد الحكمدار أحمد باشا أبو ودان قام بشاريو العمراب بحركة عصيانية مستغلين انشغاله في حرب التاكه ضد الهدندوة، فطلب هذا الحكمدار من الشيخ سليمان نمر العبَّادي القضاء على حركتهم، فخرج سليمان من بربر معقل العبابدة على رأس قوة من جماعته تقدر بنحو ألفي رجل وباغت بهم البشاريين وألحق بهم هزيمة نكراء، لكن البشاريين أعدوا كمينا لسليمان وجنوده عند بلدة مرات (Murrat) وقتلوه مع كثير من جنوده (١).

[دور العبابدة في التجارة بين مصر والسودان]

لعب العبابدة دورا متميزا في التجارة عبر مصر والسودان. وقد تنوع هذا الدور ما بين مهام أمنية وتجارية وإرشادية.

وقد مارس العبابدة هذه المهام بمهارة شديدة، فقاموا بتأمين القوافل التجارية المارة بالصحراء الشرقية عبر بربر مركز العبابدة الرئيسي، وإمداد هذه القوافل التجارية "بالدلالين" أو المرشدين الذين يقومون بمهمة إرشاد التجار والسائرين في الصحراء إلى الطرق الصحيحة حتى لا يضلوا أو يتعرضوا للهجوم ومخاطر الصحراء.

ولم تكن هذه المهام التي قام بها العبابدة قد بدأت مع الحكم المصري في السودان عام ١٨٢٠ فحسب ولكنها سبقت ذلك بكثير، وربما لا يعنينا هنا تتبع هذا الدور في عصور سابقة لهذا التاريخ لكن تكفي الإشارة إلى أن سلطنة الفونج - منذ قيامها في القرن السادس عشر وحتى سقوطها في الربع الأول من القرن التاسع عشر (١٨٢١ هـ) على يد إسماعيل كامل بن محمد علي - قد استخدمتهم


(١) Hill. R; op. cit.، p. ٧٣

<<  <  ج: ص:  >  >>