للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجتك! " فقال له عمرو: "حاجتي صلة مثلي"، فأعطاه ما ذكر آنفًا، وأضاف إلى عطيته السالفة غلامًا خبازًا، فلما خرج عمرو من عنده قال له أهل المجلس: كيف وجدت صاحبك؟ قال: الله درُّ بني سُلَيْم؛ ما أشَّدَّ في الهيجاء لقاءها، وأكرم في الأواء عطاءها، وأثبت في المكرمات بناءها، والله يا بني سُلَيْم لقد قاتلناكم في الجاهلية فما أجْبنَاكُمْ، ولقد هاجيناكم فما أفحمناكم، وقد سألناكم فما أبخلناكم (١)، وقال شعرًا منه:

فلله مسئولًا نوالًا ونائلًا … وصاحب هَيْجٍ يوم هَيْجٍ مجاشعُ (٢)

وجاء في رواية أخرى أن مُجاشعًا أمر لعمرو بن مَعْد كرب بعشرين ألف درهم وفرس عتيق جواد وسيف صارم وجارية نفيسة، فمر ببني حنظلة (من تميم) فقالوا له: يا أبا ثور كيف رأيت صاحبك؟ فقال: الله درُّ بنو سُلَيْم، ما أشد في الحرب لقاءها، وأجزل في اللزبات عطاءها، وأحسن في المكرمات ثناءها، ولقد قاتلتُها فما فَلَلْتُها، وسألتها فما أبخلتها، وهاجيتُها فما أفحمتها (٣).

وهاتان الروايتان، وإن اختلفتا شكلًا ولفظًا فهما متفقتان موضوعًا ومعنى.

يزيد بن معن السُّلَمي

من الحديث التالي الذي دار بين يزيد ومعاوية يبدو لنا أنه كان أثيرًا لدى معاوية، فقد قال له حينما شق عليه سقوط مقادم فمه: والله ما بلغ أحد سنك إلَّا كَرِهَ بعضه بعضًا، ففوك أهون علينا من سمعك وبصرك، فطابت نفس معاوية بهذه الكلمة (٤)، ولابدَّ أن معاوية كان يركن إلى رأيه ولذلك استحسن قوله، فهو إذن بمثابة مستشار خاص له فيما نفترضه ما ذكر.

طُرَيْفَةُ بن حاجز السُّلَمي

من أمراء الإسلام في بني سُلَيْم في خلافة أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -


(١) أي فما وجدناكم جبناء، ولا مفحمين ولا بخلاء.
(٢) العقد الفريد - لابن عبد ربه، ص ٦٦ و ٦٧، المجلد الثاني، طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر بمصر.
(٣) لباب الآداب - لأسامة بن منقذ، ص ٣٤٩ و ٣٥٠، طبع المطبعة الرحمانية بمصر ١٣٥٤ هـ - ١٩٣٥ م.
(٤) البيان والتبيين - للجاحظ، ص ٦٦، الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>