للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد أن لاحت لهما بوادر النصر تجمع أهالي جبال فيفاء من كل جانب وجهة بتلك الحراب الخشبية التي إذا طعن بها واحد انكسرت في جسمه فإن لم يمت أبقته في عذاب أليم وألم مستطير حتى يدركه التسمم والموت البطيء إضافة إلى رميهم بالوضف التي تفلق الرؤوس وتدني الأحياء من الرموس فانهزمت كل فرقة من جهتها ولم يسلم منهم إلا القليل. أما الفرقة الجنوبية فقد قتل دليلها فضلت وأطبق عليها أهل جبل فيفاء من كل جانب فمن سلم من القتل تردى في مهاوي مزالق ذلك الجبل الأشم إلى مهاوي الهلاك. وقد غنم الفيفيون جميع أسلحة الجيش تقريبًا، فلم يكن من الأمير إلا العودة إلى أبي عريش منهزمًا شر هزيمة.

وتكرر ذلك الغزو في عام ١١٧٥ هـ، حيث نزل القاضي إسماعيل المكرمي على رأس جموع يام للأخذ بثأر أصحابهم من أهالي جبال فيفاء وانقم إليه الأمير أحمد مكرهًا وبعد وصولهم إلى الجبل منوا بهزيمة منكرة أشد هولًا وخسارة في العدة والأرواح من الأولى (١).

وقد سجل الشعر الشعبي عدد القتلى في هذه المعارك أو قد يكون في إحداها فقط وقد سجلت في البيت التالي (٢):

ومن يام ألفين وأربع ميات … ومنا ثلاثين أو ذوا فنيه

[فيفا والدولة الإدريسية]

كما هو معروف تكونت الدولة الإدريسية في عام ١٣٢٦ هـ، وكان مؤسسها هو الإمام محمد بن علي الإدريسي وكانت عاصمتها الرئيسية مدينة صبيا (٣)، بعد مدة من الزمن بدأ الإدريسي يقلق على ملكه وبخاصة من الدولة العثمانية (الأتراك).

عندها بدأ الإدريسي يشعر أن صبيا وما جاورها من سهول تهامة لا تحميه الحماية الأكيدة وهي سهلة الاحتلال خاصة من قبل القوات التركية العدو الأول


(١) العقيلي، محمد أحمد، "تاريخ المخلاف السليماني"، ج ١، من ٤٠٣، ٤٠٤.
(٢) الفيفي، علي قاسم، مجلة المنهل، العدد السادس، جمادي الثانية ١٣٨٩ هـ. ويذكر الشيخ أن هذه الغزوات كانت ثلاثًا وليس اثنتين ربما إحداها ١١٦٩ هـ.
(٣) العقيلي، محمد أحمد، "المخلاف السليماني"، من ٦٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>