للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد انتشرت فروع من دوس وغيرها في العراق: في البصرة وفي الموصل خاصة، وقد فصل طرفًا من أخبار هؤلاء مؤرخ الموصل يزيد بن محمد بن إياس الأزدي في كتابه "تاريخ الموصل".

وفي مصر كانت دوس من القبائل التي صحبت عمرو بن العاص رضي اللَّه عنه في فتح تلك البلاد، ويظهر أن عدد الدوسيين كان قليلا، فلما أراد عمرو أن يقرر لكل قبيلة سجلا خاصًا، وجد هناك من القبائل، عدد أفرادها قليل، وكره كل بطن أن يدعى باسم غير اسم قبيلته فجعل عمرو راية كالنسب الجامع لهم، فكان ديوانهم عليها واختطوا كلهم في موضع واحد، فسميت الخطة، خطة الراية (١) ومن قبيلة دوس عدد شارك في فتح بلاد الأندلس ثم أقام هناك. قال ابن حزم: ودار دوس بالأندلس تدمير منهم بنو شاهر بن زرعة وبنو هارون بن زرعة (٢).

[اشتهار قبيلة دوس دون غيرها من قبائل الأزد]

يكاد اسم دَوْس يطغى على اسم القبيلتين، ودوس -كما هو معروف- فرع من زهران، ويرجع هذا إلى أمور: منها أن دوسًا كانوا يسكنون في قمة السراة في بلاد منيعة حصينة، أو كما قال أحد المتقدمين في وصف بلادهم: (حِصْنٌ في رأس جَبَلٍ، لا يُؤتى إلا من مثل الشراك) (٣)، فاكتسبت بذلك قوة وتماسكًا وبقاء. بخلاف إخوتهم فقد نزلوا في سفوح جبال، وعلى ضفاف أودية متصلة بما يجاورها اتصالا سهلا. ومنها أن دوسًا انتشرت خارج بلادها، فانتقل منها أناس إلى الأطراف الشرقية من الجزيرة، عُمان والحيرة، فأسسوا هناك إمارتين اشتهرتا منذ العهد الجاهلي، فأضفت شهرتهما على دَوْس ما ارتفع به ذكرها، ومن عادة القبائل العربية أن اسم الفرع الصغير من القبيلة إذا عرف واشتهر انتسبت إليه الفروع الأخرى كما هو معروف الآن. ومنها أن دوسًا سارع بعض رجالها في قبول الدعوة الإسلامية، فنالوا مكانة سامية في صدر الإسلام مما زاد في رفع منزلة القبيلة. كما عرف من رجالها من برز في جانب من جوانب المعرفة كالصحابي الجليل أبي هريرة (رضي اللَّه عنه) الذي يعتبر من أكثر الصحابة -إن لم يكن


(١) "معجم البلدان" مادة راية.
(٢) "جمهرة الأنساب" ص ٣٧٣.
(٣) "الأنساب": ج ٥ ص ٤٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>