العرب، وغزا بالجيوش، وكان به برص فكنت العرب عنه وهابت أن تسميه وتنسبه إليه إعظامًا له فقالوا: جذيمة الوضاح وجذيمة الأبرش، وكان غزا طسما وجديس في اليمامة في الوقت الذي غزاهم حسان أسعد أبي كرب الملك الحِمْيَري، فرجع جذيمة بعد أن أتت خيول حسان على سرية له - وقد قتلته الملكة الزباء ملكة تدمر، في قصة معروفة.
وقال في كتاب "البدء (١) والتاريخ":
أول من ملك الحيرة مالك بن فهم بن غنم بن دوس الأزدي، وكان ممن خرج من سبأ، مع مزيقيا عمرو بن عامر، في زمن أردشير الجامع، أو بعده بقليل. وفي كتب أهل الإسلام أن ذلك كان في الفترة -واللَّه أعلم- وكان ملكه عشرين سنة ثم ملك بعده ابنه جذيمة بن مالك.
ومما يلاحظ عدم الاتفاق بين ما يقال من أن هؤلاء الملوك انتقل فرعهم الذي ينتسبون إليه عند خراب السد، وقد سبقت الإشارة إلى أن ذلك في عهد غزو الإسكندر الكبير لبلاد فارس، وبين زمن الملكة الزباء التي قضت على آخر ملوكهم وهو جذيمة، والزباء على ما يقولون حكمت بين سنتي ٢٦٦/ ٢٧٣ للميلاد.
ولسنا بصدد تفصيل أخبار الفروع التي انتشرت في قبيلتي غامد وزهران، قبل الإسلام أو بعده، وإنما رأينا المناسبة تستدعي الإشارة إلى طرف من ذلك. .
ولعل أعظم الموجات القبلية وأقواها، هي الموجة التي حدثت مع انتشار الفتوحات الإسلامية في صدر القرن الأول الهجري، فقد تفرقت القبائل العربية في مختلف الأقطار التي فتحها المسلمون من أقصى بلاد خراسان شرقًا إلى بلاد الأندلس غربًا، وهذا من الأمور التي لا تحتاج إلى إيضاح.
وكان لقبائل الأزد، ومنهم غامد وزهران أثر كبير في الفتوحات الإسلامية، كما كانت لهم مواقف في الحوادث الدامية المحزنة، عند استعار نار العصبية في خراسان مما لا نرى حاجة للتوسع في الحديث عنه.