للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به فأُلقي على قفاه وفتح فمه، فردَّ سلحه فيه، والمقارعُ تأخذ رجليه، وهو يحلف ألا يكفَّ عنه حتى يَستوفَيه ويبلعه أو يقتله فما رُفعت عنه حتى بلع سلحه كله، ثم خلاه، فهرب إلى الأهواز، وبعث مالك بن طوق رجلًا حصيفًا مقدامًا أعطاه سمّا وأمره أن يغتاله كيف شاء، وأعطاه على ذلك عشرة آلاف درهم، فلم يزل يطلبه حتى وجده في قرية من نواحي السوس فاغتاله في وقت من الأوقات بعد صلاة العتمة، فضرب ظهرَ قدمه بعكاز لها زجٌ مسموم، فمات من غد، ودفن بتلك القرية، وقيل: بل حُمل إلى السوس فدفن فيها (١).

وكانت ولادة دعبل سنة ثمان وأربعين ومائة، وتوفي سنة ست وأربعين ومائتين بالطيب وهي بلدة بين واسط العراق وكور الأهواز (٢).

رزين (*) بن علي الخزاعي

هو رزين بن علي بن رزين بن سليمان. . . الخزاعي، شقيق الشاعر دعبل الخزاعي، شاعر مقل، كان يصحب أخاه دعبلًا في بعض أسفاره، ويجتمع بشعراء العصر فيناشدهم الشعر، ولم يسلم من لسان أخيه حينًا، فإن لدعبل فيه مُرّ الهجاء، وقد زار مصر وهو عائد من الحج مع أخيه دعبل. ومن هجاء دعبل لشقيقه قوله فيه (٣):

مَهَدْتُ لَهُ وُدّي صَغيرًا ونُصْرَتي … وقَاسَمتُه مالي وبَوَّأتُهُ حِجْرِي

وَقَدْ كانَ يَكفيه مِنَ العَيْشِ كُلِّه … رَجاءٌ ويأسٌ يَرْجعان إلى فَقْرِ

وفيه عيوبٌ لَيْسَ يُحصَى عدادُها … فأصْغرُها عَيْبًا يَجِلُّ عنِ الكَفْرَ

ولو أنَّني أَبديتُ للنَّاسِ بَعْضَها … لأصْبَحِ مِنْ بَصْقِ الأحبَّة في بَحْرِ

فَدوتكَ عِرْضِي فَاهجُ حَيّا وإن أمُتْ … فأُقْسِمُ إِلا ما خَرِيتَ علىَ قَبْرِي!

ويظهَر أن شقيقه رزين، كان ذا عقل وفهم وروية فلم يرد على دعبل لا بشتيمة ولا هجاء حتى ولا عتاب.


(١) الأغاني ٢٠/ ١٤٣.
(٢) وفيات الأعيان ٢/ ٢٧٠.
(*) ديوان دعبل ١٤٨، ٢٨٦، ٥١١، ٥٦٦، والحماسة البصرية ٢/ ١٣١ والأغاني ١٠/ ٤٩، ٢٠/ ٦٧.
(٣) ديوان دعبل ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>