للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سقوط بربر (١٩ مايو ١٨٨٤)]

وكما سبق أن أوضحنا فإن أكثر مناطق السودان قد وقعت في قبضة المهدي ولم يبق إلا القليل. وتعذر الزحف إلى المناطق الشمالية بقيادة محمد الخير أستاذ المهدي الذي قرر تعيينه مديرا على بربر ودنقلة.

وتجدر الإشارة أنه حتى ذلك الوقت فإن كثيرا من كبار السودانيين - رغم الانتصارات الكبيرة التي أحرزها المهدي - كانوا على ولائهم للحكومة المصرية أمثال السيد أحمد الأزهري (جد السيد إسماعيل الأزهري) والشيخ عوض الكريم أبو سن شيخ الشكرية وزعيم العبابدة حسين باشا خليفة مدير بربر (١).

ولكن حماسة الجنود الذين يقودهم المهدي ورجاله كانت جارفة فتقدم محمد الخير إلى بربر معقل العبابدة في أوائل شهر رجب عام ١٣٠١ هـ (مايو ١٨٨٤ م) ومعه نحو سبعين ألف مقاتل. ولما اقترب من بربر أرسل إنذارا إلى حامية بربر والسكان يدعوهم فيه للتسليم فامتنعوا، وأحاط رجال المهدي بالمدينة سبع ليال منذ الثاني عشر من مايو كانت المخابرات السرية خلالها جارية بين محمد الخير وبين حسين باشا خليفة مدير بربر الذي كان يؤمل أن المهدي لن يولي غيره عليها.

وكان في بربر خمسون ألف جنيه أرسلت من مصر لنفقات حامية الخرطوم فأرسلت الباخرة (الفاشر) لحملها إلى الخرطوم فأخذ حسين باشا يماطل ربان الباخرة حتى لا يصل المال إلى الخرطوم ويكون غنيمة للمهدي. وقد وقعت آنذاك كثير من ملابس غوردون وأمتعته التي أرسلت خلفه من مصر في يد رجال المهدي.

وكان محمد الخير قد أرسل رسالة موقعا عليها من شيوخ الإقليم إلى حسين باشا خليفة مدير بربر وضباط حاميتها تدعوهم إلى التسليم، ولكن حسين خليفة رفض ذلك. ومما جاء في هذه الرسالة " .. أن الحكومة المصرية تركت لنا بلادنا فسلموها لنا وإلا نخرجكم منها بالقوة" (٢).


(١) شكري: المرجع السابق. ص ٢٦٢
(٢) حسن أحمد حسين خليفة - المرجع السابق ص ٢ - ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>