أطلال دارسة في علو وادي بيشة) وقد ذكر اسم إحدى قرى نجران المسماة بالأخدود في القرآن الكريم في سورة البروج، وورد الاسم أيضًا في السيرة النبوية بمناسبة وفود أهل نجران إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ودخولهم في الإسلام قبيل وفاته. وورد ذكر أهل نجران بمناسبة أخرى أيضًا وهي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مشاهدته لقس بن ساعدة الإيادي خطيب العرب المشهور وقد كان قس أسقفًا لنجران قبل الهجرة. وقد كشف جوزف هاليفي المستشرق الفرنسي مساند كثيرة نقشت على جدران القصور القديمة ونشرت في مجموعة النقوش السامية، وأصبحت هذه المساند الحِمْيَرية مصدرًا مهمًا لتاريخ نجران.
[٤ - النصرانية واليهودية في "نجران"]
يذكر مؤرخو العرب ما يستفاد منه أن النصرانية سبقت اليهودية إلى نجران وأن محاولة أحد ملوك اليمن الحِمْيَريين الذين هادوا أن يرغم نصارى نجران على اعتناق اليهودية أدت إلى تدخل قياصرة الروم بواسطة الحبشة، وإلى غزو اليمن من قبل الأحباش كما هو مشهور في الكتب العربية، وقد لخص السير وليم موير في كتابه "حياة محمد" أقوال مؤرخي العرب في ذلك ونقل الدكتور هيوز في كتابه هيوز في "قاموس الإسلام" ما هذه خلاصته:
كان ذونواس الحِمْيَري في أحد أسفاره إلى المدينة اعتنق الديانة اليهودية، وحينما عاد إلى اليمن حاول نشرها فيه أيضًا. فلقى مقاومة عنيفة من أهل نجران الذين كانوا يدينون بالنصرانية فجهز عليهم جيشًا كبيرًا وهدم كنيستهم وقتل كثيرًا منهم، وكان يحفر لهم حفرًا يغرقهم فيها، ومعنى الحفرة الأخدود وهو المقصود بالآية الكريمة الواردة في سورة البروج: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤)} (البروج)، وكان من أثر ذلك أن استنجد نصارى نجران بالقسطنطينية التي كانت حامية للدين المسيحي، فعهدت هذه إلى ملك الحبشة بنصرة نصارى نجران، وكان ما كان من استيلاء الأحباش على اليمن (عام ٥٢٥ م) ونصر النصرانية فيه وشروعهم في مهاجمة الحجاز