لقد كُتب كتاب تاريخي باسم ثورة المرازيق (١) ومؤلفيه محمد المرزوقي، وعلي المرزوقي وقالا في ص ٣٨: أما كرههم - أي المرازيق - للفرنسيين المستعمرين، ونزوعهم للثورة على حكمهم فأمره مشهور، وأحداثه كثيرة معروفة، من ذلك ثورة عام الاحتلال الفرنسي ١٨٨١ م للتراب التونسي، فقد أبت جماعات منهم الرضا بحكم الفرنسيين، فهاجروا إلى أماكن متفرقة وقاوموا الفرنسيين في مختلف الواجهات، فمال بعضهم إلى الالتحاق بالقبائل المهاجرة إلى الحدود الليبية، ومال البعض الآخر إلى الصحراء القبلية (جنوب شرق تونس) والتحق بعضهم بالتراب الطرابلسي، ولم ترجع هذه الجماعات إلى بلدها إلا بعد انتهاء المقاومة، ورجوع القبائل المهاجرة إلى بلدانها.
أما ثورة ١٩١٥ م المشهورة أثناء الحرب العالمية، فقد شارك فيها عدد من أبطالهم، ولمعت أسماؤهم، سواء في الواجهة الفرنسية على الحدود الجنوبية الشرقية، أو في الواجهة الإيطالية في جبل غريان مع البطل خليفة بن عسكر، وتوغل بعضهم في الدواخل، فحارب الإيطاليين في وقائع (الهاني)، و (المرقب) وغيرهما من المعارك مع المجاهدين الليبيين.
وأخيرًا ثورتهم العارمة سنة ١٩٤٣ م أثناء الحرب العالمية الثانية التي بقيت قائمة حتى استقلال تونس.
العوينة فلاقة: وسكان العوينة من المرازيق كانوا مشهورين لدى الفرنسيين بأنهم (فلاقة) أي ثوار، وأطلقوا عليهم اسم (العوينة فلاقة)؛ ولهذا الوصف سبب قديم؛ لأن الانتفاضات والثورات السابقة كلها قام بها ثوار من مشيخة (العوينة)، وكان أبناء هذه القبيلة (في قرية العوينة) - في القديم - يستنكفون من العمل أعوانًا عند الفرنسيين إلى زمن قريب، فلم يشاركهم في الثورة على الاحتلال الفرنسي قديمًا إلا بعض من سكان القرى المجاورة للمرازيق كالعذارى
(١) طبع في دار بو سلامة للنشر والتوزيع - تونس عام ١٩٧٩ م (طبعة أولى).