للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما إن يكتسب العبادي مهارة تعينه على المعيشة في البيئة الجديدة حتى ينزح إلى هذه المناطق ولكن على مشارفها. ففي الطرف الجنوبي للقصير يوجد تجمَّع للعبابدة وكذلك في حماضات بلد الفوسفات.

ومن الجدير بالذكر أن العبابدة من سكان الجبال ينظرون إلى إخوانهم من العبابدة الذين استقروا عمال في المناطق الجديدة والمتجاورة للمناجم على أنَّهم مرفهون لدرجة أن الفتاة العبادية التي تعيش في الصحراء وقسوتها تأنف أن تقترن بشاب من بين أولئك المترفين!

[وضع المرأة العبادية]

ويشارك الرجل العبادي نساءه في الأعمال التي يقمن بها، فهو يستطيع تشييد الموقد الخاص بالطعام كما أنه يستطيع خبز "الرقاق" وطهي اللحوم. كذلك فهي تقوم بأعماله أيضًا إن غاب في سفره فترعى الإبل والأغنام وتجيد الاحتطاب. كما أنَّها تعرف أسماء الأودية والجبال وتهتدي في طريقها بالجبال العالية ومواقع النجوم وتصنع ثياب زوجها وتغزل صوف النعاج ووبر الإبل.

وتقوم المرأة العبادية ببناء الخيمة، لذلك فإن الخيمة تعد ملكا لها، وتقام الخيمة في الغالب في مكان مرتفع نسبيا. ولا يوجد في الواقع أي نوع من الأثاث سوى بعض الغطاءات الصوفية التي تقوم المرأة بغزلها (١).

والمرأة العبادية مخلصة لزوجها فهي تتزوج عادة في سن الثانية عشرة من عمرها ولا غرابة في أن يكون زوجها صبيًا في مثل سنها أو شيخًا في عمر أجدادها، ففي كلتا الحالتين تكن له ولاء واحتراما. وإن مات لا تفكر في الزواج من غيره قبل مرور أعوام طويلة وتحت ضغط البيئة الصحراوية وضغط اجتماعي شديد. وتظل تحفظ عهده وذكراه مع زوجها الجديد الذي يشجعها بدوره على هذا ويشاركها احترام زوجها الراحل فيذهبا سويا لزيارة قبره في الوادي الذي دفن فيه مهما بعدت شقة السفر (٢).

وتعد المرأة العبادية في الصحراء شديدة التحفظ ليس في الجوهر فقط وإنما أيضًا في المظهر. فإن مر بها أحد الغرباء أو سمعت صوت سيارة أدارت ظهرها


(١) محمد رياض: العبابدة. دراسة في الاقتصاد الصحراوي. ص ٢٤.
(٢) سمير خواسك: المرجع السابق. ص ٥٠ - ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>