آثرتُ صيغة العامية" في وصف أمثال بني سُلَيْم المعاصرين - على صيغة "الشَّعبية" لأني رأيتها أدق في إعطاء الوصف المروم.
وقد حدد أحمد بن محمد النيسوري المعروف بالميداني المتوفي سنة ٥١٨ هـ في كتابه - المثلَ في أشكال وتعريفات رواها عن العلماء، فنقل عن المبرد أن المثل مأخوذ من المثال، وأنه: "قول سائر يشبه به حال الثاني بالأول"، والأصل فيه التشبيه. فقولهم مَثَل بين يديه إذا انتصب معناه: أشبه الصورة المنتصبة. وفلان أمثل من فلان، أي أشبه بما له من الفضل، والمثال: القصاص، لتشبيه حال المقتص منه بحال الأول، فحقيقة المثل: ما جعل كالعلم، للتشبيه بحال الأول، كقول كعب بن زهير:
كانت مواعيد عرقوب لها مثلًا … وما مواعيدها إلَّا الأباطيل
فمواعيد عرقوب، "علم لكل ما لا يصح من المواعيد".
ويفسر ابن السكيت المثل بأنه: "لفظ يخالف لفظ المضروب له، ويوافق معناه، معنى ذلك اللفظ .. شبهوه بالمثال الذي يعمل عليه غيره".
ولا يخرج رأي ابن السكيت عن رأي المبَّرد السالف ذكره.
وعرف لنا إبراهيم النظام المثل بما يعرف في علم المنطق بالتعريف بالخاصية، فقال: "يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام: إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكناية" فهو نهاية البلاغة.
وقال ابن المقفَّع: إذا جعل الكلام مثلا كان أوضح للمنطق، وآنق للسمع، وأوسع لشعوب الحديث". وقد كانت الأمثال العربية الدارجة على ألسنة الشعب العربي فصيحة في عهد فصاحة العرب، فلما غشيتهم العامية وركبتهم العجمة، هبط مستوى الأمثال إلى مستوى كلامهم الدارج، فخرجت عن إطار الفصاحة أيضًا، وأمثال بني سُلَيْم وأمثال كلّ قبيلة عربية، وكل قطر عربي منذ ذلك العهد إلى يوم النّاس هذا سائرة على هذا المنوال، فهي مثل لهجاتهم وهي نابعة منها، وهي محشوة بالأغلاط النحوية، ولا تتقيد بالسَّنن العربي الفصيح.