وما يأتي من أمثال بني سُلَيْم المعاصرين دليل واضح على صحة هذه النظرية.
هذا، وجدير بعلماء العرب والمسلمين أن يقوموا بدراسات واسعة في أبعاد الأمثال العربية العامة المختلفة من ناحية علاقتها بالأمثال العربية الفُصحي، ومن ناحية علاقتها بمجتمعات الأقطار والمدن والأرياف والبادية التي تُضرب فيها قديمًا وحديثًا.
إن الأمثال العربية العامة بحر واسع متلاطم وموضوع واسع الأطراف، وهي في تبدل وتغير ومحو وإثبات، وربما اندثر بعضها وانمحي من الوجود، وحل محلها أمثال أخرى أو لا يحل، وكل ذلك مرتبط بالبواعث والفواعل الاجتماعية وغيرها.
يقول أحمد أمين في "قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية": (وإني أعتقد أن في العادات والتقاليد دلالة على نوع الأخلاق، ونوع العقلية للشعوب، وأن في التعابير الشعبية من أنواع البلاغة ما لا يقل شأنًا عن بلاغة اللغة الفصحي، وأن هناك من أمثلة المصريين وتعبيراتهم وزجلهم ما يُعجب بامرئ القيس وزهير) ص (د).
ويصح أن يُقال في أمثال شبه جزيرة العرب وسائر بلاد العرب ما يقوله أحمد أمين عن أمثال مصر، وبنو سُلَيْم في الصميم من سكان شبه جزيرة العرب.
ويقول عبد الرَّحمن التكريتي في "الأمثال البغدادية المقارنة مع أمثال أحد عشر قطرًا عربيًّا": (أمثال كلّ أمة خلاصة تجاربها، ومستودع خبراتها، ومنار حكمتها، ومثار ذكرياتها، ومرجع عاداتها، وسجل وقائعها - وترجمان أحوالها - إلى أن يقول: فهي مرآة الأمة، تعكس واقعها الفكري والاجتماعي بصفاء ووضوح) وقد أوضح أن عناية العرب بالأمثال قديمًا ضئيلة، ولكنهم استدرجوا ذلك النقص حديثًا بعد أن أدركوا أهميتها، فعنوا بجمعها وشرحها والبحث عن أصولها، واقتصر بعض المؤلفين على أقطارهم دون تجاوز حدودها وما زالت بعض الأقطار العربية لَمْ يظهر من أمثالها شيء حتى يومنا هذا).