للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم لم ينته الجونُ بن أبي الجون حتى افتخر بقتل الوليد، وذكروا أنهم أصابوه، وكان ذلك باطلًا فقال:

ألا زَعَم المُغيرةُ أنَّ كَعْبًا … بمكَّةَ منهمُ قَدْرٌ كَثيرُ (١)

فلا تَفْخَر مُغيرةُ أنْ تَراها … بها يَمْشِي المُعَلْهِجِ والمَهِيرُ (٢)

بها آبَاؤُنا وبها ولدْنُا .. كما أرْسَى بمُشْتَبِه ثَبيرُ (٣)

وَمَا قَالَ المُغيرَةُ ذَاكَ إلا … لِيَعْلَمَ شَأنُنا أو يَسْتَشيرُ

فَإنَّ دَمَ الوَليدُ طَلُّ إنَّا … نَطُلُ دمَاءً أنْتَ بها خَبيرُ

كساهُ الفاتكُ المَيمونُ سَهْمًا … زُعافًا وهو مُمتَلئُ بهيرُ (٤)

فَخرَّ ببطن مَكَّةَ مُسْلَحِبًا … كأنَّهُ عنْدَ وجبَتْهُ بَعيرُ (٥)

سَيَكفيني مِطَالَ أبي هشَامٍ … صغّارٌ جَعْدةُ الأَوْبَارَ خُورُ (٦)

الحسين (*) بن دعبل الخزاعي

لقد روى ابن المعتز رواية عن أبي الورد قال:

رأيت محمد بن واصل وقد عرض جيشًا من الأعراب من بني تميم بفارس، وكانوا من عشيرته فوجدهم على غاية الرثاثة وقُبْح الهيئة، وانصرف عنهم إلى قوم من عبد القيس من أهل البحرين، فعرضهم فوجدهم أخسّ زيًا وأَردأ ثيابًا، فالتفت إلى الحسين بن دعبل -وكان أتاه زائرًا فأكرمه وقدمه وقَبِلَ شعره ورعي له في أبيه- فقال يا دِعْبليَ، قال: لبيك أيها الأَمير، قال: إن أنشدتني في قرب شبه


(١) الوليد بن المغيرة المخزومي وكعب من خزاعة.
(٢) المعلهج: المطعون في نسبه، كأنه منحوت من أصلين، من "العلج" لأن لأمه علجة ومن "اللهج" كأن واطئ الأمة قد لهج بها. والمهير: الصحيح النسب ير أن أمه حرة تزوجت بمهر.
(٣) ثبير: جبل بمكة.
(٤) الزعاف: السم، أو سم الساعة، والبهير: المنقطع النفس، من البهر بضم الباء.
(٥) المسلحب: الممتد، والوجبة: السقطة.
(٦) الخور: الغزار اللبن.
وردت القصة في الكتاب بأن أبي أزيهر الدوسي هو الذي أصاب الوليد بن المغيرة بسهمه وليست خزاعة "سيرة ابن هشام ١ و ٢/ ٤١٢ "
(*) طبقات الشعراء/ ٤٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>