لحق بعض كبارهم إلى الأندلس أثر هذه الواقعة، وبعد ذلك بعدة سنوات ظهر زعيم آخر من رياح اسمه شبل بن موسى واستطال على الدولة، وقد استعان هذه المرة المستنصر الحفصي ببعض أفخاذ رياح أنفسهم وهم المنشقون على شبل من أولاد عساكر، وكذلك استجاش أعوانه من بني عوف (سَلَيم) وجنود الموحدين، وفي نفس الوقت احتال على رؤساء رياح واستقدمهم لحضرة ملكه ثم تقبَّض عليهم وضرب أعناقهم جميعًا بما فيهم شبل بن موسى، ثم هاجم فرسان رياح وأتباعهم حتى بلاد الزاب في شرق الجزائر وفرَّق شملهم، وقد لحق بعض زعماء منهم وكثير من فرسانهم إلى ملوك زناتة في مدينة فاس ومدينة تلمسان، ثم زحفوا على الشرق بعد حين بمساعدة هؤلاء الملوك الموالين أصلًا لدولة الموحدين، وقد تغلَّب بنو رياح على بلاد الزاب من ورقلة وقصور ريغ وصيروها سهامًا بينهم، ثم غلبوا عامل الزاب وقتلوه وزحفوا على الأوراس وغلبوا من به من القبائل ثم تقدموا إلى التل، فجمع لهم أولاد عساكر من رياح أقاربهم المنشقين عليهم من عياض وغيرهم من الأثبج، ولكن النصر كان في جانب رياح وأولاد مسعود قادتهم، وقد سيطروا على معظم ضواحي المغرب الأوسط، ثم استمالتهم الدولة الحفصية وأقطعتهم ما بأيديهم من جبل أوراس والزاب وإقليم الحضنة، وبذلك صارت لهم إقطاعات كبيرة في الدولة الحفصية وقتئذ وتكاثروا في البلاد، وقد قسموا الضواحي سهامًا بين بطونهم وكان معهم بطن من عَنَزة بن أسد من ربيعة العدنانية، وقد كانوا مع بطن الأخضر من رياح يظعنون معهم في البوادي في المغرب الأوسط، وكذلك معهم نفاث أحد بطون جُذام.
[الخبر عن زغبة من بني هلال]
هذه القبيلة هم إخوة رياح، ذكر الكلبي: أن زغبة أبناء أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر، وكانت لهم عزة وكثرة وتغلبوا على نواحي طرابلس وقابس وقتلوا سعيد بن خزرون من ملوك مغراوة (البربر) في طرابلس حينئذ، ثم دخلوا في بلاد المغرب الأوسط (الجزائر)، ولم يزالوا بتلك الحال إلى أن غلب الموحدون على كل بلاد المغرب، وثار ابن غانية الميورقي فصاروا يدًا مع بني يادين من زناتة لحماية المغرب الأوسط (الجزائر)، وانحرفوا عن ابن غانية ولم يفعلوا مثل رباح والأثبج، وصارت بطون زُغْبة هؤلاء ما بين مسيلة وقبلة تلمسان في القفار وملك بنو يادين وزناتة عليهم التلول، ولما ملكت زناتة بلاد المغرب الأوسط ونزلوا