للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من أيام بني عامر]

(١) يوم بطن عاقل (*)

أغار خالدُ بن جعفر العامري على ذُبيان من غَطَفَان - رهط الحارث بن ظالم الذُبْيَاني - وهم في واد يقال له حراض، فقتل الرجال حتى أسْرف، والحارث بن ظالم يومئذ صغير؛ وزعموا أن ظالمًا أباه هلك في تلك الوقعة من جِراحٍ أصابته يومئذٍ.

فنشأ الحارث بن ظالم على بُغض خالد، وزاد ذلك قتل خالد زهير بن جُذيمة العبسي، فكسب خالد عداوة غَطَفَان (١).

ثم مكث خالد بُرهة من دَهْره أتى بعدها النعمان (٢) بن المنذر ملك الحيرة، فوجد عنده الحارث بن ظالم فأقبل النعمان يسأله؛ فحسدهُ خالد، ثم قال للنعمان: أبيت اللعن! هذا رجلٌ لي عنده يد عظيمة! قتلتُ زهير بن جُذيمة العبسي سيدَ غطفان فصار هذا بعد قتله سيدَها! فقال الحارث - غاضبًا: سَأَجْزِيك على يدك عندي.

ثم إن النعمان دعاهما بعد ذلك ومعهما بعض القوم، وقدم لهم تمرًا؛ فطفق خالدٌ يأكل ويُلقي نَوى ما يأكل من التمر بين يدي الحارث (٣)، فلما فرغ القوم قال خالد: أبيت اللعن! انظر إلى ما بين يدي الحارث من النوى، فما ترك لنا تمرًا إلا أكله، فقال الحارث: أما أنا فأكلتُ التمر وألقيت النَّوى، وأما أنت يا خالد فأكلته بنواه! فغضب خالد - وكان لا يُنازع - وقال: أتنازعني يا حارث وقد قتلتُ حاضرتك (٤) وتركتك


(*) بطن عاقل: موضع على طريق الحاج من البصرة.
(١) كان زُهير بن جُذيمة من عبس، والحارث بن ظالم من ذبيان، وعبس وذبيان: حيان من غَطَفَان من قيس عيلان من مُضَر العدنانية.
(٢) في العقد الفريد: إن وفاة خالد ولقاءه بالحارث كان عند الأسود بن المنذر أخي النعمان، وفي ابن الأثير: كان لقاؤهما عند النعمان بن امرئ القيس.
(٣) عبارة ابن الأثير: وجعل الحارث يتناول التمر ليأكله فيقع من بين أصابعه من الغضب.
(٤) الحاضر والحاضرة: الحي العظيم، وهو يريد أهل حاضرتك.

<<  <  ج: ص:  >  >>