للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والضعيف الصوَّال، والعيي القوَّال. قال: فمن أحق الناس بالمنع؟ قال: الحريص الكاند (١)، والمستميد الحاسد، والملحف الواجد. قال: فمن أجدر الناس بالصنيعة؟ قال: من إذا أُعطي شكر، وإذا مُنع عذر، وإذا موطل صبر، وإذا قدَّم العهد ذكر. قال: من أكرم الناس عشيرة؟ قال: من أن قُرِّب منح، وإن بَعْد مدح، وإن ظُلم صَفَح، وإن ضويق سمح. قال: من الأم الناس؟ قال: من إذا سأل خضع، وإذا سُئل منع وإن ملك كنع (٢). ظاهره جشع، وباطنه طبع (٣). قال: فمن أحلم الناس؟ قال: من عفا إذا قدر، وأجمل إذا انتصر، ولم تطغه عزة الظفر. قال: فمن أحزم الناس؟ قال: من أخذ رقاب الأمور بيديه، وجعل العواقب نصب عينيه، ونبذ التهيب دبر أذنيه. قال: فمن أخرق الناس؟ قال: من ركب الخطار، واعتسف العثار (٤) وأسرع البدار قبل الاقتدار. قال: فمن أجود الناس؟ قال: من بذل المجهود، ولم يأس على المعهود. قال: فمن أبلغ الناس؟ قال: من جلي المعنى المزيز (٥) باللفظ الوجيز، وطبق المفصل قبل التحزيز. قال: فمن أنعم الناس عيشا؟ قال: من تحلى بالعفاف ورضي بالكفاف وتجاوز إلى ما لا يخاف. قال: فمن أشقى الناس؟ قال: من حسد على النعم، وتسخط على القسم، واستشعر الندم على فوت ما لم يحتم. قال: من أغنى الناس؟ قال: من استشعر اليأس، وأبدى التجمل للناس، واستكثر قليل النعم ولم يسخط على القسم. قال: فمن أحكم الناس؟ قال: من صمت فادكر ونظر فاعتبر، ووعظ فازدجر. قال: من أجهل الناس؟ قال: من رأى الخرق مغنما، والتجاوز مغرما".

[٣ - عمرو بن حممة بن الحارث بن رافع]

أحد حكام العرب في الجاهلية، ويقال أنه عاش ثلاثمائة وتسعين سنة، فاعتبر من المعمرين، ولقبه العرب بذي الحلم، وله قصيدة طويلة كلها حكم وعبر نقتطع منها قوله:

كبرت وطال العمر مني كأنني … سليم أفاع ليلة غير مودع


(١) الكاند: الجاحد.
(٢) كنع: بخل.
(٣) طبع: حسد.
(٤) اعتسف العثار: أي سلك الطريق على غير هدى.
(٥) المزيز: الطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>