للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: دخلتني لها رقة لشبهها بليلى. وأنشأ يقول:

أيا شبه ليلي لا تَراعي فإنَّني … لكِ اليومَ من وحْشيَّةٍ لصَديقُ (١)

أَقُولُ وقَدْ أَطْلقْتُهَا من وِثَاقِها … فَأَنْتِ للَيْلَى إنْ شَكَرْتِ عتيقُ (٢)

كُثَيِّر وأعجب أخباره:

سأل عبد الملك كُثَيِّرًا عن أعجب خبر له مع عزَّة؟ فقال: حججت سنة من السنين وحج زوج عزَّة بها، ولم يعلم أحد منا بصاحبه، فلما كنا ببعض الطريق أمرها زوجها بابتياع سمن تصلح به طعامًا لأهل رفقته، فجعلت تدور الخيام خيمة خيمة حتى دخلت إلي وهي لا تعلم أنها خيمتي، وكنت أبري أسهمًا لي، فلما رأيتها جعلت أبري وأنا انظر إليها ولا أعلم حتى بريت عظامي مرات ولا أشعر به والدم يجري، فلما تبينت ذلك دخلت إلي فأمسكت يدي وجعلت تمسح الدم عنها بثوبها، وكان عندي نحي من سمن فحلفت لتأخذنه، فأخذته وجاءت إلى زوجها بالسمن، فلما رأى الدم سألها عن خبره فكاتمته، حتى حلف لتصدقنه، فضربها وحلف لتشتمنيه في وجهي.

فوقفت علي وهو معها فقالت لي: يا بن الزانية وهي تبكي، ثم انصرفا فذلك حين أقول:

يُكَلِّفُهَا الخِنزيرُ شَتْمي وَمَا بهَا … هَواني ولكنْ للْمَليكِ اسْتَذلَّتِ (٣)

يجوز أنه جرح نفسه، أما أنه بري عظامه وهو لا يشعر، فهذه رواية مبالغ فيها؟

عزَّة وعبد الملك بن مروان:

دخلت عزَّة على عبد الملك بن مروان وقد عجزت، فقال لها أنت عزَّة كُثَيِّر؟

فقالت: أنا عزَّة بنت حُميل.


(١) تراعي: من الروع وهو الخوف.
(٢) الشعر والشعراء: ٣٣٩.
(٣) خزانة الأدب ٥/ ٢١٦، والأغاني ٩/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>