للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقتل الأمير المسعودي أخذ باقي من نجا من المساعيد يهرب في شتى الاتجاهات بلا وعي أو تخطيط وقد أصابهم الهلع واضطرب جمعهم، وهذا راجع إلى أن جميع الرؤساء والقادة قد قتلوا مع الأمير سليمان في المجزرة الأليمة (مذبحة غزة).

وقال نعوم بك شقير: فلما تمرَّد الأمير سليمان المسعودي واستثقل الضريبة وأبى دفعها وجاهر بالعداوة للدولة، فجردت عليه وقتلته في واقعة مشهورة قرب غزة. وقيلت رواية أخرى أن الأمير سليمان لم يُقتل في حينه، وإنما هرب إلى قومه في البادية ومعه بعض الرجال الذين نجوا من المذبحة في غزة، وجمع فرسان من بعض حلفاء له وظل صامدًا نحو ثلاثة وثلاثين يومًا، وقد قلَّد النبي - صلى الله عليه وسلم - في فتح مكة المكرمة، فأمر كل فارس معه بإشعال ناره في الليل كي يوهم أعداءه بكثرة عددهم، فكان المماليك يتركون عددًا من قوتهم خوفًا من الكمائن من الخلف أثناء المعارك في النهار، وهكذا استطاع أن يمد النزال عدة أسابيع وقد أباد عددًا وفيرًا من عسكر المماليك الترك، ثم قُتل شرق غزة أخيرًا في أحد المعارك الضارية مع أعدائه وكان عند تل عال ودفنه ابنه عمرو (١) هناك هو والباقي من أولاده.

[سبب تسمية الأمير سليمان المسعودي بالمنطار]

قال الرواة: بعد مقتل الأمير المسعودي سليمان بن عمرو ومن معه من فرسان المساعيد فقد ظلت جثث قتلاهم ملقاة على الأرض ومنها جثة الأمير سليمان عند التل، فلما حل الظلام في الليلة الأولى بعد المعركة رأى الجند نورًا عند الجثث فظنوا أن أحدًا قد جاء للجثث من المساعيد فبلَّغوا عن ذلك، فطلب إليهم أن يحرسوا الجثث للتحقيق في أمر هذا الضوء عند الجثث بجوار التل، فظل الجنود ينطرون، أي يحرسون منتظرين إلى أن حل الظلام ولم يأت أحد، وقد تأكدوا من رؤية الضوء أو النور يضيء الظلام على جثة هؤلاء الشهداء الذين قُتلوا بالحيلة والغدر، وقيل أن الضوء كان واضحا على جثة الأمير سليمان المسعودي


(١) قيل أن عمرو ابن الأمير سليمان استطاع أن يصمد بعد مقتل أبيه وثأر من المماليك وكان معه عدة رجال ممن تبقوا ولهم في المساعيد سلالات مثل سليمان الأدغم ومنه الدغيمات وراشد ومنه الرواشدة ومربد ومنه المرابدة وعيهور ومنه العواهير وجد الأحيوات وقيل اسمه معلى، أما سلالة الأمراء فانحصرت في ذرية عمرو بن سليمان بن عمرو الشهير بالمنطار وسموا (أولاد سليمان) الأمراء من المساعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>