للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجُهينة وغِفار وأشْجَع ومن كان من بني عبد الله موالي دون الناس والله ورسوله مولاهم. قلت: وغِفَار من كِنَانة وأشْجَع من غَطَفان.

[رجال جهينة في غزوة بدر]

أثناء مسير النبي - صلى الله عليه وسلم - للقاء المشركين من قريش سلك مع أصحابه ذات اليمين على النازية يريد بدرًا فسلك في ناحية منها حتى جزع واديًا أي قطعه وعرضه ويقال له رحقان بين النازية وبين مضيق الصفراء، ثم على المضيق ثم انصب منه حتى إذا كان قريبًا من الصفراء بعث رجلين من جهينة ليعرفا أخبار قريش أو عن أبي سفيان ومن معه، وهذا لأن المنطقة التي فيها بدر هي لجهينة وهم أعرف بها من غيرهم، وكان اسم الرجلان بسبس بن عمرو الجهني وهو حليف بني ساعدة الخزرج والثاني هو عدي بن أبي الزغباء الجهني حليف بني النجار الخزرج من الأنصار، فوصل كلاهما إلى عين بدر على بعيريهما فأناخا إلى تل قريب من الماء ثم أخذا شنًّا لهما يسقيان فيه، وكان على البئر من جهينة وهو جُدي (١) بن عمرو وهو متكفل به حينئذ، فسمع عدي وبسبس جاريتين من جواري الحاضر (أي الديرة القريبة من ماء بدر) وهما يتلازمان أو على الماء الملزومة بالمدينة تقول لصاحبتها: إنما تأتي العير غدًا أو بعد غد فأعمل لهم ثم أقضيك الذي لك، قال جُدي الجهني لها: صدقت ثم خلص بينهما، وهذا لأن بدرًا تأتي فيه العرب كل موسم فيذبحون عنده الجزور ويشربون الخمر وتُعزف لهم الموسيقى أو القيان (وهذا في الجاهلية)، وكان بسبس وعدي يجلسان على بعيريهما وعرفا أن قريشًا في طريقها إلى المكان بين عشية أو ضحاها، فانطلقا حتى أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبراه بما سمعا على عين بدر، وأقبل أبو سفيان بن حرب القرشي حتى تقدم العير معه حذرا حتى ورد ماء بدر، فقال لجُدي بن عمرو الجهني: هل أحسست أحدًا فقال جُدي: ما رأيت أحدًا أنكره إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل ثم أسقيا في شن لهما ثم انطلقا، فأتى أبو سفيان مناخهما أي مكان مبرك جمليهما فأخذ من أبعار بعيريهما ففته فإذا فيه النوى (٢).

فقال هذه والله علائف يثرب (أي المدينة) وقد عرف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في مكان قريب من الماء، فرجع إلى أصحابه سريعًا فضرب وجه عيره عن الطريق فساحل بها (أي أخذ جهة الساحل) فترك بدرًا بيسار وانطلق مسرعًا نحو مكة بعير قريش فأحرزها أو نجا بها من المسلمين.


(١) ذكره ابن حزم (مجدا) وابن هشام (جُدي).
(٢) النوى: نوى البلح (علف).

<<  <  ج: ص:  >  >>