أما تشعب بني هلال إلى قبائل وبطون وتفاصيل أخبارهم بعد دخولهم إلى المغرب فقد تقدم بعضها وسيرد في هذا الفصل بعد سرد نبذة عن المعقل وبني سُلَيْم.
[المعقل]
نسب هذا الشعب من العرب الداخلين إلى المغرب خفي مجهول عند الجمهور، ويعدهم نسابو العرب من بطون هلال وليس ذلك بصحيح، أما هم فيدَّعون أنهم آل البيت من ذرية جعفر بن أبي طالب، وهو ادعاء غير مسلم به؛ لأن الطالبيين والهاشميين أهل إقامة وحضر وليسوا أهل بادية وانتجاع، ورجح ابن خلدون أن يكونوا يمنيين؛ لأن من هؤلاء بطنين يُسمى كل واحد منهما بالمعقل على ما ذكره ابن الكلبي وغيره، أحدهما من قضاعة والآخر من مذحج، والغالب أنهم من هذا البطن الأخير.
وقد كان عرب المعقل يسكنون قرب البحرين مع القرامطة قبل دخولهم المغرب، ولما دخلوه لم يكن عدلاهم يتجاوز المئتين، فاعترضهم بنو سُلَيْم فتحيزوا إلى الهلاليين ونزلوا بآخر مواطنهم مما يلي وادي ملوية ورمال تافيلالت، وجاوروا زناته في القفار فعفوا وكثروا وانتشروا في صحراء المغرب الأقصى، فعمروا أطرافها وتغلبوا في فيافيها وحالفوا زناته بها في جميع الأوقات، ولم يبق منهم بإفريقيا إلا جمع قليل اندرج في جملة بني كعب من سُلَيْم وصاروا أعوانهم المخلصين.
ولما طلع الزناتيون إلى التل، وأسسوا مملكتهم بفاس وتلمسان وإمارات أخرى صغيرة بالمغرب الأوسط تفرد عرب المعقل بالصحراء ونموا فيها نموا كبيرا بمن انضاف إليهم من القبائل من غير نسبهم مثل العمور وأشجع والشظة والمهايا والشعراء والصباح وبني سُلَيْم، فملكوا القصور التي اختطتها زناته وفرضوا الضرائب على مواطنيها وصارت يدهم الطولى بجميع الأقطار الصحراوية الواقعة بين المحيط الأطلسى وتيديلكت.