يقول داوتي في معرض حديثه عن قصة نجاح خلف بن ناحل في تحقيق ثروته من المتاجرة بالإبل وغيرها:(. . . لقد بَرَز من خلال متاجرته بالإبل ليصبح من أغنى أغنياء العرب الجنوبيين، حتى صار له عملاء يسافرون للمتاجرة له في بيع القهوة والملابس بين البدو، كما زاد عدد ماله من الإبل حتى قسمها إلى مجموعتين)، ويضيف داوتي مستطردا:(. . . إلى جانب ذلك فإن عنده من الفضة ما ينظر إليه العرب على أنه كنز عظيم، محفوظ في خزانته. لقد قام ابن ناحل بأولَى مغامراته التجارية الهامة قبل سنوات عندما جلب قطيعًا من الإبل إلى سوق مصر. لقد عَبَر هذا الحربي مئات الاميال الصحراوية بصحبة رفقاء الطريق، في حين كانت عيون قبيلته تتجه نحو المدينة، ولم يعتادوا على السفر إلى تلك البلاد، لكنه وصل - إلى مصر - بسلام. وبلغت أرباحه ٧٠ %).
ثم يذكر داوتي أن خلف قام برحلة أخرى بعد ذلك لكنها لم تكون موفقة كسابقتها، وهذا هو حال التجارة.
ويضيف داوتي محاولا تقدير ثروة خلف بن ناحل بشيء من الدقة الواضحة:(وفي تقديري أن ثروة خلف بن ناحل تقدَّر بألفي جنية استرليني بما في ذلك إبله التي تبلغ ٣٠٠ رأس ومخزونه من الفضة. ولا شك أن ذلك يعتبر ثروة طائلة في وسط الحياة الصحراوية الفقيرة)(١).
[خلف بن ناحل في ذاكرة الشعر]
إذا كان خلف بن ناحل لم يجد من يؤرخ له من أبناء جلدته، فقد حتمت عليه ظروف الزمان والمكان أن يكون بعيدا عن الشعراء الفصحاء، ولهذا فقد كان لا بد للشعر العامي الذي كان سائدًا في مجتمع خلف بن ناحل أن يسد هذه الثغرة، وأن يسجل بكل أمانة جانبا هامًّا من جوانب شخصية خلف، ولِمَ لا والشعر ديوان العرب، سواء كان فصيحا في زمن الفصاحة أو عاميا في زمن العامية؟