المعيشة - كما سنشرح في الحالة الاجتماعية - واستقرارًا في الديار، بينما تعرض غيرها لمجاعات هائلة وهجرة من دياره، والبيوت التي ظهرت في حرب يصعب إحصاؤها غير أني اخترت منهم مجموعة ذاع صيتهم ودخل بعضهم التأريخ من باب ليس بالضيق.
[١ - آل محمود]
كل ما وصل إلينا عن هذا البيت هو رواية الهمداني، وكان محمود هذا في عهده أمير بني حرب كافة، ووصفه بأنه سيد حرب، وكان من بني عمرو، روى عنه المحابي رواية الهمداني فقال: محمود بن علي بن عمرو بن جابر بن عمرو بن المسافر بن عمرو بن زياد بن سلمان بن الفاحش بن حرب، وحرب بن سعد بن سعد بن خولان. وأمه من جُشَم من هوازن، وكان يرق لسُلَيْم ويبقي عليهم. غير أنه في وقعة الحرّة قتلهم قتلًا ذريعًا، حيث يقول الهمداني: قتل فيه من سُلَيْم سبعين رجلًا وقتل من بني حرب جماعة، منهم أربعة من أبناء محمود شيخ حرب: محمد وأحمد والحسن والحسين، ثم جمع لهم محمود فصبحهم يوم الرغامة، فقتل منهم مائة رجل، وكانت عليهم يومئذٍ عمائم خز زرق، فلم يلبس سُلَمي بعدها عمامة زرقاء.
وهنا تحضرني قصة لطيفة، فإن بني سُلَيم - الجهلة منهم طبعًا - لا يطيقون ذكر محمود، ولا أعلم سبب ذلك غير أن هذه القصة التي ساقها الهمداني قد تكون هي السبب فترسبت في أذهان المتأخرين دون أن يعلموا هم سببها.
وعندما كنا صغارًا كانت تمر بنا قوافل جيراننا بني سُلَيْم، فنسارع نحن الصغار نقول لهم: محمود! محمود! وكان ردهم: محمود عند أمك! محمود عند أمك!.