يغرس فيه بذرته الخبيثة في أرض فلسطين، كانت تلك الحركة لا تتوقف وإن كان ينتابها فترات نشاط وركود إلا أنها دائمة، فما إن تنتهي تلك القوافل من موسم حتى تأخذ استعدادها لموسم آخر، فمثلا إذا نقلت البضائع القادمة من الشرق إلى الغرب أخذت تنقل البضائع القادمة من الغرب إلى الشرق استعدادًا للموسم القادم حتى إذا وصلت تلك السفن من الشرق وجدت أحمالها أو جزءًا كبيرًا منها جاهزًا للشحن، وكذا الحال بالنسبة للرحلة العكسية، وينطبق ذلك بالنسبة للرحلات الداخلية في الجزيرة العربية فإنه لا يكاد ينتهي موسم الربيع حتى يعقبه موسم الصيف والخريف ثم الشتاء وهكذا فالحركة دائمة دؤوب على هذه الطرق على مدار السنة.
[أسباب تكوينهم]
لم يكن للعقيلات في بداية أمرهم كما يفهم من مسماهم عند اكتمال تكوينهم مراكز معينة وأوقات معينة، بل كان انطلاقهم من المواقع التي تتواجد فيها قبيلة عقيل أو كانت تشغلها من شرق شبه الجزيرة العربية تمتد إلى البصرة ومنها إلى شمال العراق والموصل، وكان جُلُّ تركيزهم على البراري الواقعة بين هذه الحواضر، واستمر هذا الوضع حتى ورث الخالديون هذه المهمة من العقيليين، ورغم أن الدور الخالدي استمر ما يقارب ١٣٠ سنة إلا أن التممية بقيت على ما هب عليه للعقيليين للذين لا يدركون حقيقة الأمر من سكان القطر العراقي الذي انطلقت منه التسمية في وقت لاحق كما يرى البعض، هذا القطر الذي يحتوي الكثير من عناصر هذه الفئة، ثم طرأت على الجزيرة العربية ظروف معينة أدت إلى هجرات جماعية نتيجة لكوارث طبيعية وتغيرات وتفاعلات سياسية، فقد ذكر الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى في كتابه بعض الحوادث الواقعة في نجد منها: أنه في عام ١١٣٥ هـ/ ١٧٢٣ م حدث قحط عظيم هلكت فيه البوادي وغارت الآبار وجلا أهل سدير للبصرة والزبير، كما ذكر في موقع آخر في عام ١١٨١ هـ/ ١٧٦٧ م والتي تلتها جلا كثير من الناس إلى الزبير والبصرة والكويت نتيجة القحط المعروف بـ "سوقة" وقد واكب قيام الدعوة الإصلاحية في نجد في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري الثامن عشر الميلادي نزوح الكثير من أسر منطقة سدير وحريملاء إلى الزبير على طرف إقليم العراق وبنوا لهم في بادئ الأمر بيوتًا