للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلافة، لأن الظروف لم تكن مواتية، ولأنَّ الخليفة العباسيَّ كان يقظًا وحازمًا، ولم يكن غافلًا عن الأحداث ولا نائمًا.

[القصة السابعة]

ظهر الْقُرْظُ في نواحي البحرين وعُمَانَ، سار إليها من الكوفة سنة ٢٧٩ هـ في أيام المعتضد العباسي، وانتسب الْقُرْظُ في دعوى كاذبة إلى بني إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق، وكان من أصحاب القرظ: الحسن الجمالي وزكرونة القاشاني، وقاموا بعده بالدعوة إلى عبد الله المهدي، وتغلبوا على البصرة والكوفة ثم انقطعوا عنهما إلى البحرين وعُمَان، وقامت لهم هناك دولة تغلَّب عليها - في المائة الرابعة للهجرة - بنو سُلَيْم، وبنو عُقَيل من هوازن، الذين كانوا مستوطنين في البحرين (الإحساء) بكثرة يومئذ (١).

العلَّامة عبد الرحمن بن خلدون وبنو سُلَيْم وبنو هِلَال - في بلاد المغرب -

عبد الرحمن بن خلدون، أحد مفاخر الحضارة العربية الإسلامية، وهو مستنبط "علم الاجتماع" وأبو بجدته، وقد ضمَّن مقدمته الفذة لتاريخه الكبير، هذا العلم نتيجة دراساته وتجاربه، ولكنه مع ذلك بشر من هذا البشر، له عواطفه ورغباته، ويضطرب فكره وضميره فيما يضطرب فيه سائر البشر، من حب وبغض وتقدير وتكدير، ويخطئ ويصيب، ومن هذه الناحية البشرية العامة يصح أن يوجه إليه ما يوجه إلى كل البشر - ما عدا الأنبياء - من النقد والتخطئة وتزييف الرأي وتحليل العاطفة، ومن هذه الناحية نوجه إليه ما سيأتي في هذا الفصل من النقد البنَّاء حيال مواقفه في تاريخه الكبير المسمى: (العبر) وفي مقدمته الفذة حيال العرب وحضارتهم. وقديمًا قال شاعرنا العربي الحكيم يُسجِّل لنا مواطن الضعف التي لابد أن تكون كامنة في تلافيف سجايا البشر، حتى ولو كانوا عباقرة أو أعلامًا أو عظامًا.

ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها … كفى المرء نبلًا أن تُعدَّ معايبهْ


(١) تاريخ ابن خلدون، ص ٥٩٦، المجلد الثالث، طبع بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>