للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجَّاج بن علاط السُّلَمي ومكره بقريش

قال ابن إسحاق: لما فُتحت خيبر وأنزل الله هزيمته على من بها من اليهود كلَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابي "الحجاج بن علاط البهزي ثم السُّلَمي" فقال: يا رسول الله إن لي بمكة مالًا عند صاحبتي (زوجته) أم شيبة بنت أبي طلحة القرشية وكانت عنده وله منها ولد اسمه معرض بن الحجاج، وقال: لي مال متفرق في تجار أهل مكة فأذن لي يا نبي الله، ثم قال: إنه لا بد لي يا رسول الله من أن أقول. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قل.

قال الحجاج: فخرجت حتى إذا قدمت مكة وجدت بثنية البيضاء رجالًا من قريش يتسمعون الأخبار ويسألون عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد بلغهم أنه سار إلى خيبر وقد عرفوا أنها قرية الحجار ريفًا ومنعة ورجالًا، فهم يتحسسون الأخبار ويسألون الركبان فلما رأوني قالوا: الحجاج بن عَلَاط، قال: ولم يكونوا علموا بإسلامي - عنده والله الخبر - أخبرنا يا أبا محمد فإنه قد بلغنا أن القاطع (١) قد سار إلى خيبر وهي بلد يهود وريف الحجاز. قال: قلت: بلغني ذلك وعندي من الخبر ما يسركم قال فالتبطوا (٢) بجنبيَّ ناقتي يقول بعضهم: إيه يا حجاج، قال: قلت: هُزم هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط، وقُتل أصحابه قتلًا لم تسمعوا بمثله قط، وأُسِرَ محمد أَسْرًا، وقالوا (أي اليهود): لا نقتله حتى نبعث به إلى أهل مكة فيقتلوه بين أظهرهم بمن كان أصاب من رجالهم. قال: فقاموا وصاحوا بمكة وقالوا: قد جاءكم الخبر وهذا محمد إنما تنتظرون أن يقدم به عليكم فيُقتل بين أظهركم، قال: قلت: أعينوني على جمع مالي بمكة وعلى غرمائي فإني أريد أن أقدم خيبر، فأصيب من فِلْ (٣) محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى هناك. قال ابن هشام: من فيء محمد.

قال ابن إسحاق: قال الحجاج: فقاموا فجمعوا لي مالي كأحث أو أسرع جمع سمعت به، ثم جئت صاحبتي فقلت لها: مالي وقد كان لي عندها مال


(١) قلت: قول المشركين من قريش حينئذ للحجاج السُّلَمي: القاطع سار إلى خيبر لما أنهم يسمون النبي - صلى الله عليه وسلم - الأبتر - لا ولد له، وقد أنصفه الله وعوضه بنهر الكوثر في الجنة وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)} [الكوثر] صدق الله العظيم.
(٢) التبطوا: ساروا ملازمين ناقتي.
(٣) الفِلْ: المنهزم وما وراءه من غنيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>