للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان أهل جرش بعثوا رجلين منهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة يرتادان وينظران، وبينما هما عنده بعد صلاة العصر؛ إذ قال رسول الله: بأي بلاد الله شكر؟ فقام إليه الجرشيان فقالا: ببلادنا جبل يقال له كشر وكذلك يسميه أهل جرش، فقال: إنه شكر وليس بكشر قالا: فما شأنه يا رسول الله؟ قال: إن بدن الله لتنحر عنده الآن، قال: فجلس الرجلان إلى أبي بكر أو لعثمان، فقال لهما: ويحكما، أن رسول الله لينعي لكما قومكما، فقوما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاسألاه أن يدعو الله أن يرفع عن قومكما، فقاما إليه وسألاه ذلك، فقال: اللهم ارفع عنهم، فخرجا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعين إلى قومهما، فوجدوا قومهما قد أصيبوا يوم أصابهم صرد بن عبد الله، في اليوم الذي قال فيه رسول الله ما قال، والساعة التي ذكر فيها ما ذكر.

وخرج وفد جرش حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا فقال: "مرحبا بكم، أحسن الناس وجوها وأصدقه لقاءً، وأطيبه كلاما، وأعظمه أمانة، أنتم مني وأنا منكم" وحمى لهم حمى حول قريتهم على أعلام معلومة، للفرس والراحلة وللمثيرة (بقرة الحرث)، فمن رعاه فماله سحت (١)، فقال في تلك الغزوة رجل من الأزد وكانت خثعم تصيب من الأزد في الجاهلية، وكانوا يعدون في الشهر الحرام:

يا غزوة ما غزونا غير خائبة … فيها البغال وفيها الخيل والحمُر

حتى أُتينا حُمَيْرا في مصانعها … وجمع خثعم قد شاعت لها النذر (٢)

إذا وضعت غليلا كنت أحمله … فما أبالي أدانوا بعد أم كفروا

[ذو الخلصة صنم خثعم]

ذو الخُلصة صنم من أشهر أصنام الجاهلية، كان في تبالة وهو بيت في خثعم، كان عبارة عن مروة بيضاء، منقوش عليها كهيئة التاج. قال خداش بن زهير العامري لعثعث بن وحشي الخثعمي في عهد كان بينهم فغدر بهم:


(١) الروض الأنف - والسيرة، ج ٢، ص ٢١٥.
(٢) حُميَرْ تصغير لحمير، وفي الزرقاني أتينا جريشا والمصانع: القرى والقلاع، وهناك من يقول ساغت بدلا من شاعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>