للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبيصة والخليفة (١):

تقدم الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان إلى حجابه فقال:

"لا يحجب عني قبيصة أي ساعة جاء من ليل أو نهار إذا كنت خاليًا أو عندي رجل واحد، وإن كنت عند النساء أدخل المجلس وأعلمت بمكانه فدخل، وكان الخاتم إليه، وكانت السكة إليه، تأتيه الأخبار قبل عبد الملك، ويقرأ الكتب قبله ويأتي بالكتاب إلى عبد الملك منشورًا فيقرؤه، إعظامًا لقبيصة فدخل عليه فسلم عليه وقال: آجرك اللَّه يا أمير المؤمنين في أخيك عبد العزيز! قال وهل توفي؟ قال: نعم، فاسترجع عبد الملك، ثم أقبل على روح فقال: كفانا اللَّه أبا زرعة ما كنا نريد وما أجمعنا عليه، وكان ذلك مخالفًا لك يا أبا إسحاق، فقال قبيصة: ما هو؟ فأخبره بما كان (يريد خلع عبد العزيز).

فقال قبيصة: يا أمير المؤمنين، إن الرأي كله في الأناة والعجلة فيها ما فيها. وكان عزم عبد الملك بن مروان، على خلع أخيه عبد العزيز، فنهاه قبيصة بن ذؤيب وقال لا تفعل هذا فإنك باعث على نفسك صوت نعار، ولعل الموت يأتيه فتستريح منه! فكف عبد الملك عن ذلك" (٢).

[في مجلس الخليفة]

قال قبيصة بن ذؤيب الخُزاعي: كنت عند عبد الملك بن مروان أنا وحسان ابن مالك بن بحدل الكلبي وولده وإخوته وأبو الزعيزعة مولاه فجاء الآذن فاستأذن لعمرو بن سعيد، فأذن له وجعل يقول:

إحْذَرْ عَدُوَّكَ أَنْ يكونَ صُدَيِّقًا … وإِذَا هَمَمْتَ بِقَتْلِهِ فَتَمَكَّنِ

أَدْنَيْتُه مِنِّي ليَسْكُنَ رَوْعُهُ … فَأصولَ صَوْلَةَ حَازمٍ مُسْتَمكَنِ

غَضَبًا ومَحْميَةً لِديني إنَّهُ … ليس المُسيءُ سَبيلُهُ كالمُحْسنِ

ثم التفت إلي وإلى حسان فقال: إن شئتما فقدما فلما نهضنا وقد أقبل عمرو وقال عبد الملك وهو يتضاحك: يا حسان أنت أطول من قبيصة، ثم خرجنا


(١) تاريخ الطبري ج ٦ - ص ٤١٢.
(٢) ورد في ج ٤ - ص ٥٢٥ الكامل في التاريخ لابن الأثير - ولد قبيصة بن ذؤيب الخزاعي أول سنة من الهجرة وحنكه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وكان فقيهًا وتوفي سنة سبع وثمانين هجرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>