فقال حسّان: هو واللَّه قاتله، إن عبد الملك رجل ليس في منطقه فضل وإنما مازحنا ليؤنسه ثم يثب به.
قال: وسلَّم عمرو ثم جلس مع عبد الملك على سريره فحادثه ساعة ثم أقبل أبو الزعيزعة فأخذ السيف عن عاتقه فقال: يا أمير المؤمنين أيؤخذ سيفي؟ فضحك عبد الملك ثم قال: أوتطمع لا أبا لغيرك أن تقعد معي بسيف بعد الذي كان منك؟
فأطرق عمرو ثم قال له عبد الملك: يا أبا أمية إني كنت أعطيت اللَّه عهدًا إن ملأت عيني منك مستمسكًا أن أجمع يديك إلى عنقك ثم أثقلك حديدًا فقال عبد العزيز بن مروان: ثم تصنع ماذا يا أمير المؤمنين؟ قال:
ثم أطلقه وما عسيت أن أصنع بأبي أميّة؟ قم يا أبا الزعيزعة فأت بجامعة وقيد، فأتي بهما وكانا قد أعدا له فصيرهما في عنقه ورجليه، فقال عمرو: نشدتك اللَّه يا أمير المؤمنين أن تخرجني فيهما على رؤوس الناس، فقال: أو مكرًا يا أبا أمية، لعمري ما أخرجك فيهما ولا أخرجهما منك إلا صُعُدًا، ثم جذبه أبو الزعيزعه جذبة سقط منها على وجهه فأصابت قائمة السرير ثنيته فانكسرت، فقال: يا عبد الملك نشدتك اللَّه أن يدعوك كسر عظيم مني إلى أن تركبني بأشد منه، فقال: يا أبا أمية علمت أن العرب والعجم يبقون هملا ويصلح أمر قريش فقط لفديتك بدم النواظر ولكنه واللَّه ما اجتمع فحلان في هجمة قط إلا قتل أحدهما صاحبه قم يا عبد العزيز فاضرب عنقه، وخرج عبد الملك لصلاة العصر فإذا يحيى بن سعيد قد وافى في ألف من مواليه من أهل حمص، فلما أحس به عبد الملك أمسك أنفه بيده كالرعيف وقدم ابن أم الحكم الثقفي وكان خلفه، فصلى ابن أم الحكم بالناس ودخل عبد الملك القصر فقال لعبد العزيز: ما صنعت؟ قال: يا أمير المؤمنين ناشدني اللَّه والرحم فكرهت قتله فقال: أخزى اللَّه أمك (١) البوالة على عقبيها فإنك لم تشبه غيرها، ادنه يا غلام، فأضجع له ثم ذبحه بيده بالسيف ذبحا وهو يقول:
يا عَمْرُو إلا تَدَعْ شَتْمي ومَنْقَصَتِي .. أَضْرِبْكَ حَيْثُ تَقولُ الهامَةُ اسْقُوني