روي لي محدثي عن تعيير الشبان بعدم الصبر أثناء عملية الختان أنه كان قادمًا من تهامة عام ١٣٤٩ هـے، فوصل ديرة "ربيعة" فأخبر أن عندهم اجتماعًا كبيرًا للنظر في قضية ناشئة عن تعيير أحدهم لشاب بسبب اختلاج رجله وقت ختانه، فحقد على معيره وقام عليه فقتله انتقامًا منه على إشاعته الكاذبة، وكان الاجتماع كمجلس قضائي عادل للحكم في شأن هذا الشاب: هل اختلج أثناء العملية حقا؟ " وكان سؤال رئيس الاجتماع للمحلفين: "هل اختلج أولا؟ " فإن كان قد اختلج فعلى القاتل الدية وإن كان لم يختلج فلا تلزمه الدية، وكان قول المخلفين أن الشاب لم يختلج، وكان الحكم النهائي أن القاتل غير ملزم بدية القتيل.
[عمران عسير]
[خصب التربة وغناها]
القسم الهام من الأرض الزراعية في عسير مؤلف من مجاري الشِّعبان والأودية ومن منخفضات الجبال والفجوات بين الهضاب. والأرض على الإجمال خصبة قوية الإنبات، غير أنها محتاجة إلى المياه، فإذا أمطرت السماء أخصبت الأرض وأنبتت محصولا عظيمًا. وقد شاهدت مدة إقامتي في عسير أن المعول في الزراعة على مياه الأمطار، فإذا لم ينزل الغيث لم يتمكنوا من زروع الحبوب في الأماكن التي لا تصل إليها مياه الآبار. وعلى فرض تمكن الأهالي من استثمار ما تسقيه المياه المستخرجة بالسواقي من الآبار الواقعة حول مجاري الأنهار، فإن كميات المياه في الآبار ذاتها تقل جدًّا، بل إن كثيرًا من هذه الآبار ينضب في فصل الصيف. وقد كانت سنة زيارتي لأبها سنة قحط شديد قلَّت معه الحاصلات الزراعية وتلاشت الماشية، حتى لقد كنا نشاهد قطعان الماشية سارحة في البرية لا تستطيع اجتياز ممر السيارة دون أن يذهب بعضها ضحية الدهس، بسبب هزالها وضعفها الناشئ عن قلة المرعي.
وكان من أثر ذلك أن احتاط أهل عسير وسائر بلادة السرية بخزن الحبوب في آبار خاصة تحت الأرض لا تصلها الرطوبة ولا يتسرب إليها السوس ليقتاتوا بها