للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما وصل المسلمون وادي حُنَيْن في عِماية الصبح وكانت هَوَازِن قد سبقت إلى الوادي وكمنت فيه أي في شعابه ومضايقه، فلما رأوا المسلمين شدوا عليهم شدة رجل واحد، فانشمر (١) الناس راجعين لا يلوي أحد على أحد، فلم يبق من المسلمين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأنصار من المهاجرين والأنصار وأهل بيته فيهم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما، ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطَّلب - رضي الله عنهما، والفضل بن العباس وربيعة بن الحارث وأسامة بن زيد، وكان المسلمون يومئذ اثني عشر ألفا!!

وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التوبة: ٢٥] أي انتابكم الغرور، وصار الرسول - صلى الله عليه وسلم - ينادي ويقول: "أنا النبي لا كَذِب أنا ابن عبد المطلب"، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمه العباس بالنداء على المسلمين ودعوة الأنصار وكانوا صُبُرًا عند الحرب، فقالوا: لبيك لبيك، فنظر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى تجمُّع المسلمين حوله ومجتلدهم مع هَوَازِن فقال: الآن حمي الوطيس. وانقلبت بعون الله الهزيمة إلى نصر سريع على هَوَازِن وثَقِّيف وهربت معظم ثقيف (الأحلاف)، أما (مالك) الفرع الثاني فقتل منه سبعين رجلًا وهذا غير العشرات في هَوَازِن (٢) من القتلى والجرحى، إلى جانب أربعة آلاف من الأسرى.

مقتل دُرَيْد بن الصِّمة:

لما انهزم المشركون من هَوَازِن وثقيف وحينئذ أتو الطائف ومعهم مالك بن عوف وعسكر بعضهم بأوطاس وتوجه بعضهم نحو نخلة سوى بنو غيره (ثَقِّيف)، وتبعت خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سلك نخلة (٣) ولم تتبع من سلك الثنايا، فأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن سِمال بن عوف بن امرئ القيس "بن بُهْثَة بن سُلَيْم وكان يقال له ابن الدغنة وهي أمه فَغلبت على اسمه، وقال ابن هشام (ابن لذعه)، أدرك دُرَيْد بن الصِّمَّة الجُشَمي ثم الهَوَازِني فأخذ بخِطام


(١) انشمر الناس: أي تقهقروا، وقيل أن خالد بن الوليد قد أصيب بجراح ولم يواصل القتال مع المسلمين في حُنَيْن.
(٢) أُسرَ عدد كبير من هوازن وأحرز المسلمون مئات الإبل والأغنام والخيول: كثير من السلاح.
(٣) اسم الموضع الذي لحق فيه دُرَيْد هو "جُدْعان".

<<  <  ج: ص:  >  >>