من مشاهير القضاة بالأندلس، وهو محمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن خلف السُّلَمي، من ذرية العباس بن مرداس، فهو ابن عم عبد الملك بن حبيب المرداسي السُّلَمي المترجم في هذا الكتاب.
ويعرف أبو البركات في بلده بابن الحاج، وفي غير بلده بالبلفيقي، و"بلفيق" حصن من عمل مدينة المُرِّيَّة بالأندلس، وبيت أبي البركات بيت دين وفضل.
ذكر ابنُ الأبار جدَّه الأعلى (أبا إسحاق) وأطنب في الثناء عليه بالخير والصلاح، وكان أبو البركات ممن نشأ على طهارة وعفاف، واجتهد في طلب العلم صغيرًا وكبيرًا، وعبر البحر إلى بجاية (١) فأدرك بها المدرس المعمِّر أبا علي منصور بن عبد الحق المشدَّالي، وحضر مجالسه العلمية وأخذ عنه وعن غيره من أهلها، ثم قدم إلى مُراكش وتجول فيما بينها من البلاد وأثار (آثر) السكنى بسبتة، على طريقة جده إبراهيم الأقرب إليه، ثم عاد إلى الأندلس فأقام منها بمالقة واختص بخطيبها الشيخ أبي عبد الله الطنجالي، وروى عنه وعن غيره وقيد الكثير بخطه، ورام في ابتداء طلبه التشبه بالقاضي أبي بكر بن العربي في لقاء العلماء ومصاحبة الأدباء، والأخذ من المعارف كلها والتكلم في أنواعها، وكان كثير الضبط لحاله، مهتما بالنظر في تثمير ماله؛ على رأي ابن سحنون الذي يقول:"ما أحب أن يكون عيش الرجل إلا على قدر ذات يده، ولا يتكلف أكثر مما في وسعه".
وكان أبو البركات يميل إلى القول بتفضيل الغنى على الفقر، ويبرهن على صحة ذلك، ويقول:"وبخصوص البلاد الأندلسية، لضيق حالها، واتساع نطاق مدنها، ولا سيما في حق القضاة فقد شرط كثير من العلماء في القاضي أن يكون غنيا، ليس بمديان ولا محتاج".
(١) مدينة ساحلية في شمال أفريقيا (تقع في دولة الجزائر الآن).