للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موجز عن قبائل العرب في الصحراء الكبرى بأفريقيا]

قال الدكتور محمد سعيد القشاط (١):

تنتشر القبائل العربية على امتداد الصحراء الكبرى طولًا وعرضًا، فهم سكانها وحماتها، وحفرة آبارها وشاقُّو طرقها ورعاة أعشابها، وماتحو أمواهها.

في أفيائها تنتصب خيامهم شامخة هازئة بالأنواء تتحدى الفناء وترسم على ضحاضيحها مياسم العرب منذ قرون مضت، وتلوح ديارهم على أديمها كباقي الوشم في ظاهر اليد؛ على قول الشاعر العربي.

يتنقل العرب على امتداد الصحراء، بل إن الكثير من القبائل العربية توغَّلت جنوبًا حتى دخلت مناطق الأدغال، فاختلطت بالزنوج تزاوجًا وتجاورًا وابتعد ما بينها وبين العرب في صحرائهم فاستبدلت لونًا أدكن من ألوانها ولغة أعجم من لغتها، وفعل الزمن فعاله في التباعد، وطرق المستعمر أوتارًا ساعده الزمن، فحال بين تلك القبائل وأصولها، وقطع عروق تغذيتها من معين لغة الضاد وثقافة أمة العرب وتراث أصول قحطان وعدنان. وهكذا تناست أصولها وتزنجت وأنشأت أصولًا جديدة ولغة جديدة جعلها المستعمر أصولها الحقيقية ولغتها الحقيقية، وهكذا أصبح النشء الجديد لا يعرف من أصوله القديمة إلا ما لقَّنه المستعمر في نشراته ودورياته وكتابات مستشرقيه ومدارس بعثاته التبشيرية التي ملأت أفريقيا منذ أكثر من قرنين من الزمن.

وأصبحت بلاد السنغال التي كانت هي تحريف لاسم (صنهاجة) القبيلة العربية الشهيرة تتنكر لعروبتها، التي تحتوي على أكثر من ٦٠% من شعبها.

وتتنكر للغتها العربية التي كانت حتى عام ١٩١٠ م هي اللغة الرسمية وذلك بقرار من الحاكم الفرنسي الذي ألغى اللغة العربية ورسم بدلها الفرنسية.


(١) عن كتاب الصحراء العرب الكبرى لمحمد سعيد القشاط - دار الرواد للطباعة والنشر طرابلس - ليبيا، دار الملتقى ليماسول - قبرص ١٩٩٤ م.
والدكتور القشاط من الباحثين المعروفين في ليبيا له بحوث ميدانية عن القبائل العربية في أفريقيا، وقد أثرى المكتبات العربية بمؤلفات عديدة في الأنساب والتاريخ والأدب وقد تقابلت معه في طرابلس الغرب عام ١٩٩٧ م ودارت بيننا مناقشات طويلة حول الأنساب والترابط العرقي بين المشرق والمغرب العربي ومسائل أخرى عديدة. وينتمي القشاط إلى قبيلة الصيعان جنوب غرب طرابلس وتعد من قبائل الأشراف الأدارسة في ليبيا، وقد عين عام ١٩٩٩ م سفيرًا للجماهيرية العربية الليبية في السعودية.

<<  <  ج: ص:  >  >>