للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطيلسان لك؟ قال داود: نعم! قال: سويد: فوالله ما هذا الطيلسان الذي ترى عليَّ لي وإنه لعَارِيةٌ، أفلا ألِي القْضَاء بعد هذا؟ فوالله لو وَلَّونْي بيت المال - فإنه شر من القضاء - لَوَلَيْتَهُ (١).

نصر بن حجاج السُّلَمي

كان نصر جميلًا فائق الجمال، وكان يقيم بالمدينة، مما يدلنا على أن "جالية" سُلَمية كانت تقيم بها ربما قبل عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وربما في عهده وفي خلافة أبي بكر ثم في خلافة عمر بن الخطاب، وكانت المدينة عاصمة الخلافة الإسلامية، ومن دأب الناس أن ينزحوا إلى "العواصم" لما فيها من العلم والعمل ووفير الخدمات، قديمًا وحديثًا.

وقد حدَّثوا أن عمر بن الخطاب سمع - وهو يَعُسُّ ذات ليلة - امرأة تجهر بأمنيتها الكمينة، فتقول:

هل من سبيل إلى خمر فأشربها؟ … أو هل من سبيل إلى نصر بن حجاج؟

فلما أصبح سأل عنه، فإذا هو من يني سُلَيْم، فأرسل إليه فأتاه، فإذا هو من أحسن الناس شَعَرًا وأصبحهم وجهًا، فأمر عمر أن يَطُمَّ - يَجُزَّ - شعره، ففعل، فخرجت جبهته فازداد حُسْنًا، فأمره عمر أن يعتمَّ، ففعل، فازداد حُسْنًا، فقال عمر: لا والذي نفسي بيده لا تجامعني بأرض أنا بها، فأمر له بما يصلحه وسَيْرَهُ إلى البصرة.

وكان بالبصرة جالية من بني سُلَيْم، اتخذوها موطنًا لهم عقب تمصيرها، ولابُدَّ أن عمر اختارها "مَنْفَىً" لنصر بن حجاج رأفة به، إذ لا ذنب له، وإنما هي سياسة درء المفاسد وسدَّ باب الفتن، وحماية الأخلاق الإسلامية في بلد الرسول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - من أن يتطرق إليها ما يكدر صفوها. ونصر بن حجاج شاعر، ولذلك سنورد له ترجمة في فصل: "شعراء من بني سُلَيْم" تتعلق بشعره وشاعريته، وقد أضفنا إلى ذلك مزيدًا من التفصيل حيال قضية نفيه إلى البصرة، وقصة مصيره بعد ذلك.


(١) الطبقات الكبرى، لابن سعد، ص ٤٧٠، المجلد السابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>